الاثنين، 19 يوليو 2010

خدعة الأسرار الكنسية

         
يحدثنا الآب متى المسكين فى كتابه " الأفخارستيا والقداس " ، بأنه لم يكن هناك وجود لما أطلق عليه أسم" الأسرار الكنسية"  قبل عام 1439 ميلادية ، والجدير بالذكر أن الآب" متى المسكين" كان رئيسآ لدير" أبى مقار" حيث يحتفظ بأول مخطوط ذكرت فيه تعبير " الأسرار الكنسية "هذا الكتاب هو على شكل مخطوط يطلق عليه أسم " نزهة النفوس " ويعود زمن كتابته لعام 1564 ميلادية ، كاتبه مجهول، ومن الواضح أن أصوله لم تكن قبطية مصرية بل سريانية حيث يهتم كثيرآ بذكر أقوال يوحنا الدمشقى ، ولكن سبق هذا المخطوط مخطوطآ آخر أسمه " مصباح الظلمة فى أيضاح الخدمة" يعود لنهاية القرن الثالث عشر أو مطلع القرن الرابع عشر وكاتبه هو " بن كبر" بيد أن هذا المخطوط لم يتحدث عن الأسرار بوصف عددها يصل الى الرقم  سبعة .
           والحديث عن كلمة" سر" فى الكتاب المقدس نلاحظ أولآ أنها جاءت بمعنى "عمل ألهى فعال غير منظور للبشر ولكن نتيجته ملموسة ومؤكده" ، هذا العمل غير مصحوب بطقس أو ممارسة مرسومة بواسطة الممارس ، ومجمل ما يحدثنا الكتاب عنه من أسرار ليس من ضمنها أى ذكر لما أدعاه البعض وأطلقوا عليه أسم" الأسرار السبعة" فالأسرار التى يتحدث عنها الكتاب هى كالتالى :- 
أسرار ملكوت السموات     مرقس 4:11
سر فساوة بنى أسرائيل      روميه 11 : 25
سر الكرازة المكتوم فى الأزمنة الأزلية   روميه 16 : 25 ، أفسس 3 : 9
سر الحكمة المكتومة        :كورنثوس الأولى 2 : 7 ، كولوسى 1 : 26
سرائر الله                      كورنثوس الأولى 4 : 1
أسرار المعرفة           كورنثوس الأولى 13 : 2
أسرار الروح          كورنثوس الأولى 14 : 2 ، رؤيا 10 : 7
سر مشيئة الله        أفسس 1 : 9
سر المسيح           أفسس 3 : 4 ، كولوسى 2 : 2 ، 4 : 3
سر أتحاد المسيح بالكنيسة          أفسس 5  : 32
سر الأنجيل           أفسس 6 : 19
سر رجاء المجد     كولوسى 1 : 27
سر الأثم            تسالونيكى الثانية 2 : 7
سر الأيمان        تيموثاوس الأولى 3 :9 
سر التقوى        تيموثاوس الأولى 3 : 16
سر السبعة الكواكب  رؤيا 1 : 20
         والواضح الجلى أنه ليس من بين هذه الأسرار مطلقآ ما يطلقون عليه أسم الأسرار السبعة حتى حديثه عن سر أتحاد المسيح بالكنيسة والذى نسب زورآ للزيجة أذ يصرح النص بوضوح أن حديثه عن السر هو فى مسألة أتحاد المسيح بالكنيسة وليس أتحاد الرجل بالمرأة أفسس 5 : 32 " هذا السر عظيم ولكننى أقول من نحو المسيح والكنيسة "
         والحديث عن ما يطلق عليه أسم" الأسرار السبعة" والأهتمام برقم سيعة مرده للتقافة التى كانت سائدة فى الشرق حول رمزية الأرقام وقد ذكر" المجمع التريدنتينى" أو" ترنت"  هذا العدد وأدعى تثبيته ليكون أساسآ للقكر المسيحى الباباوى ، وأول من أبتدع هذه السباعية هو" بطرس لومبارد " أسقف " باريس " وقد قبل " توما الأكوينى هذه التسمية فى مجمع فلورنسا عام 1439 ثم قبلتها الكنيسة البيزنطية فالكاثوليكية ، وأخيرآ قبلتها الكنيسة الأرثوذكسية فى آخر المطاف فى شكل قبولها لكتاب " نزهة النفوس "السالف الذكر.
        لقد تراكم التقليد الكنسى عبر قرون كثيرة قبل قبول الكنيسة الأرثوذكسية لهذا التقليد ، وصارت تعاليم الكتاب المقدس التى تتنافر أحيانآ مع التقليد ، بالأضافة ألى مجمل التعاليم المسيحية مما دعا رجال الكنيسة فى محاولتهم للتخفيف عن كاهل العامة بأن يختزلوا المسيحية فى هذه الأسرار السبعة ، وصار على المؤمن ألا يسأل عن المصادر الأخرى لمعرفة الكلمة من الكتب المقدسة.
وساد فى مصر ظلام الحكم التركى العثمانى حيث فقد المجتمع قدرته الثقافية والتنويرية ، وأكتفى الناس وليس فقط الأقباط بأهداب المعرفة ، وشيئآ فشيئآ فى ظل عدم توافر أدوات الأعلام ووسائله ، ومع تعاقب الأجيال نسى المجتمع أصل هذه الأسرار السبعة المزعومة ، وساروا على أثر قيادة الجهلاء من القادة الذين أوهموا الشعب بأن هذه الأسرار تعود لزمان المسيح نفسه.
ومع أن الكتاب واضح كل الوضوح وأن لا أثر قيه لتلك الأسرار ، وأنه ليس هناك أى واحد سواء فى الكتاب أو فى تاريخ الكنيسة حتى نهاية القرن الثالث عشر ذكر ولو بصفة عارضة شيئآ عما أدعاه الجهلاء فيما بعد بأنه أسرار الكنيسة المقدسة ألا أن هذا التعليم ظل فى الكنيسة الأرثوذكسية حتى اليوم من آثار عهود الظلام الفكرى الذى حل بمشرقنا العربى.
          والجدير بالذكر أن ممارسة المعمودية والعشاء الربانى  كانت تمارس بوصفهما الفريضتين الأساسيتين اللتين أوصى المسيح بنفسه أن يمارسهما أتباعه ، ولكن لم يطلق أحد على هاتين الفريضيتين أسم أسرار،لا فى الكتاب ولا فى تاريخ الكنيسة حتى مطله القرن الرابع عشر، وكانت الخديعة الكبرى حيث كان ثابتآ أجلال المسيحيون لهاتين الفريضتين فضمهما مخترعوا الأسرار ضمن السبعة حتى تنال الخمس الباقيات ما تناله المعمودية وما يناله العشاء الربانى من أجلال.
         فهل كان فى أختزال الكنيسة للكتاب المقدس والتعاليم المسيحية والتقليد فى شكل أرساء دعائم الأسرار السبعة المزعومة نوعآ من تخفيف العبء عن كاهل الناس !!!؟؟؟ ، أم كان نوعآ من أبعادهم عن مصدر التعليم الحقيقى وهو الكتاب المقدس !!! ؟؟؟
أترك تعليقآ . الدكتور القس جوزيف المنشاوى.

ليست هناك تعليقات: