الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الأصول التاريخية والكتابية للأحتفال بعيد الميلاد ( الكريسماس ) ----

مقدمة :-
يعتبر تاريخ مجمع نيقية 325 م هو التاريخ الحاسم لتشكيل الكثير من الصيغ الشكلية النهائية الشائعة فى العالم اليوم للكيان المسيحى على إختلاف إتجهاته وطوائفه.
ويصدق هذا الوصف على ما هو مستقر لدى الطوائف التقليديـــــــــــــــــة والطوائف البروتستانتية كذلك ،فقد توصل رجال الكنيسة فى ذلك الوقت بعد إنضمام"قسطنطين" الملك الرومانى للكنيسة المسيحية ، وقد كان فيما قبل وثنيآ ، بحيث سعت الكنيسة  - متمثلة فى رجالها - لإيجاد صيغة توافقية بين الوثنية والمسيحية ، تكون بمثابة حلول وسطى للإشكاليات القائمة فى المجتمع الذى يشمل عموم أنحاء الإمبراطــــــــــــورية الرومانية فى ذلك الحين .
وكانت هذه الإشكاليات تختص بشكل ممارسة الدين ، بين الطقس الوثنى والعبــــــــادة المسيحية , ولم يكن هذا الدمج أو الموائمة أو التآلف بين الوثنية التى كانت تسرى فى أوصال الإمبراطور وغالبية أفراد الشعب وبين المسيحية التى كان يدين بها المسيحيون الذين كانوا مضطهدين بسبب إختلاف توجهاتهم الفكرية والإجتماعية مع الغالبــــــــية العظمى من أبناء المستعمرات الرومانية ، لم يكن هذا التوائم سهلآ لو كان هدفـــــه هو إيجاد القواسم المشتركة فى الممارسات الدينية والأجتماعية الشكلية بين الفريقين ، لو كان المطلوب هو التوائم بين فكر وعقيدة الكتاب المقدس أو الأصول الجوهـــــــرية فى المسيحية وبين الفكر الوثنى ، ولكن كانت هذه القواسم المشتركة ممكنة بين الفكـــــــر الوثنى وفكر الآباء الذين عاشوا فى ذلك المجتمع الوثنى ومنهم كان الحصول على تلك القواسم المشتركة سهلآ ، فقد كان الفكر الكتابى ينأى بهم عن هذه الغاية حيث يقول فى غلاطية 4 : 8 - 11

8لكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً. 9وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ 10أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ 11أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!
كذلك فى كولوسى2 : 16 - 23
16فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، 17الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ. 18لاَ يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الْجِعَالَةَ، رَاغِبًا فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ، مُتَدَاخِلاً فِي مَا لَمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخًا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ، 19وَغَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِالرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ بِمَفَاصِلَ وَرُبُطٍ، مُتَوَازِرًا وَمُقْتَرِنًا يَنْمُو نُمُوًّا مِنَ اللهِ.
20إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: 21«لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» 22الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، 23الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ إِشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.
إلى آخر تلك النصوص التى تضع خطوطآ فاصلة بين الممارســـــــــــات والفكر الوثنى والممارسات والفكر المسيحى.
ولم
يكن السعى لإيجاد مثل هذه الصيغ التوافقية فيما يخص شكل بيوت العبــــادة - التى كانت فيما قبل معابدآ وثنية بإستثناء القليل منها - ولا على الزى الذى كان يلبسه رجال الدين المسيحى - الذين كانوا يختفون وسط العامة بملابس عادية لئلا يلفتوا إليهم الأنظار وقت الأضطهاد - فصارت أزيائهم هى ملابس الأمراء وإختص كبيرهم بإرتداء زى الأمبراطور ، لكن لم تقف الصيغ التوافقية عند هذا الحد بل تعدت تلك الحـــــــــدود لمحاولة الدمج بين الأفكار الفلسفية الناشئة فى مختلف الأديان المنتشرة فى أنحـــــــاء الإمبراطورية مثل فكرة التقشف والزهد والتبتل والرهبنة التى كانت شائعة فى الشـرق الأقصى ووردت للشرق الأوسط فى ظل الحضارة الهيلينستية فى فترة نشوء المسيحية ، ومعها كان الإحتفال المادى بالأعياد البديلة للأعياد والمواسم الوثنية التى كـــــــــانت تتبناها مختلف المجتمعات.
الأشكاليات بسبب تحديد موعد لعيد الميلاد : -
على سبيل المثال فأنك لو عدت لموقع الويكبيديا للبحث عن تاريخ عيد الميلاد للمسيحيين فسوف تجد ما يلى : 

 http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AFعيد الميلاد يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، ويُمثل تذكار ميلاد يسوع المسيح وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر في التقويمين الغريغوري واليولياني غير أنه وبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًـــا يقع العيد لدى الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني عشية 6 يناير ونهار 7 يناير. ورغـم أن الكتاب المقدس لا يذكر تاريخ أو موعد ميلاد يسوع فإن آباء الكنيسة قد حددوا ومنذ مجمع نيقية عام 325 الموعد بهذا التاريخ، كذلك فقد درج التقليد الكنسي على اعتباره في منتصف الليل، وقد ذكر إنجيل الطفولة ليعقوب المنحول في القرن الثالث الحــــــدث على أنه قد تم في منتصف الليل، على أن البابا بيوس الحادي عشر في الكنيـــــــــــسة الكاثوليكية قد ثبّت عام 1921 الحدث على أنه في منتصف الليل رسميًا؛ يذكر أيضًا، أنه قبل المسيحية كان يوم 25 ديسمبر عيدًا وثنيًا لتكريم الشمس، ومع عدم التمــــــكن من تحديد موعد دقيق لمولد يسوع حدد آباء الكنيسة عيد الشمس كموعد الذكـــــرى، رمزًا لكون المسيح "شمس العهد الجديد" و"نور العالم".
وبناءآ على ما سبق تجد أن عيد الميلاد كان بديلآ لعيد تكريم الشمس لدى الوثنيين.
وأن الأفكار الواردة فى الكتابات الأبوكريفية التى رفضتها الكنيسة فيما مضــــــى ، مثل "إنجيل الطفولة " الذى كتبه شخص إسمه يعقوب ، كانت من بين الأســـس التى إستند إليها المحددون لتوقيت هذا الأحتفال.
وأن مجمع نيقية كان هو الأساس الذى بنى على أساسه إبراز أهمية الإحــــــــتفال بعيد الميلاد .
الميلاد كتابيآ وكنسيآ :-
والذى يعود للكتاب المقدس محاولآ أن يجد تأريخآ دقيقآ لعيد الميلاد ، أو اليــــــوم الذى حدثت فيه واقعة الميلاد ،
سوف يعود ببحثه خالى الوفاض لسببين :-
أولهما : أن فكرة الكتاب عن ولادة المسيح لم تكن تعنى بهذه الحادثة فى حد ذاتهـــا إلا من قبيل إبراز التجسد الكامل للمسيح الذى يؤهله للقيام بعمل الفداء نيابة عن البشرية ، وبناءآ عليه فقد كان إهتمام الكتاب هو بالفداء أكثر من الحديث عن ميلاده ، وهذا ما نلاحظه فى الإنجيل بحسب البشير مرقس الذى أهمل تمامآ أى حديث بخصوص الميلاد ، كذلك كان الحال ذاته فى الأنجيل بحسب البشير يوحنا .
أما الإنجيل بحسب البشير متى فقد إهتم بذكر تلك الحادثة ، ولكن كان منطلق إهتمامه بهذه الحادثة  ليس فى تأريخ يوم حدوثها ، ولكن فى تأكيد حدوثها وسط المجتــــــمع اليهودى التقليدى الذى كان يعول أفكاره أساسآ على أقوال الأنبياء بخصوص المـسيا وتأكيد إنحداره من بيت داود ومن سبط يهوذا ، وهذا ما كان يتوافر فى شخصــــــــية المولود المدعو بين اليهود وفقآ للنظام الشرعى المعمول به بينهم ( التبنى وشريعــة الولى ) ليكون فى المولود هذه المؤهلات التى تجعل منه مسيا . وكذلك كان الحال فى الإنجيل بحسب البشير لوقا الذى إهتم لجانب ذلك أن يذكر كيف كان هذا مع ما تهيأ له من مؤهلات شرعية للقيام بتلك المهمة أنه كان مواطنآ رومانيآ من أبناء المستعمرات

، تتوفر فيه الشخصية القانونية اللازم توافرها للمصلحين من الفلاسفة ، وذلك لأنـــه كان يوجه كتابه إلى "ثاوفيلس" الموكل له الحكم على بولس الرسول حكمآ أولـــــــيآ إسترشاديآ فى قضية محاكمة بولس الرسول أمام قيصر روما .
ثانيهما : أن الفقراء فى ذلك الحين لم يكن هناك تأريخآ منضبطآ لواقعات المـــيلاد التى تحدث لأطفالهم على خلاف ما كان متبعآ عند الملوك وأبنائهم فقد كان تأريخ ميــــــــلاد هؤلاء يتم تقديريآ بحساب نسبة حدوث هذا الميلاد للأحداث المحلية المعتادة ، كأن يقال بأن فلانآ وُلِدَ بعد تولى الأمبراطورفلان السلطة بموسمين أو ثلاثة ....ألخ من مواســـم الزراعات المحلية ، أو المناسبات القومية ، ولذلك كان حديث البشير لوقــــــا الذى كان يحاول أن يجعل من كتابته مستندآ قانونيآ مناسبآ لعرضه على قاض بأنه فـــــــــــى أيام هيرودس الملك تمت البشرى بميلاد يوحنا  ( لوقا 1 : 5 )
5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ....ألخ (هيرودس الكبير 37 - 4 ق . م )  وفى الشهرالسادس لتلك البشارة تمت بشارة العذراء ( لوقا 1 : 26 - 28 ) 26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُـــــــــهَا نَاصِرَةُ، 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْــــتِ فِي النِّسَاءِ».وأن فى أيام مولده كانت هناك أحداث مميزة ( لوقا 2 : 1 ، 2 ) 1وَفِي تِـــــلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ ( أوغسطس قيصر من عام 27 ق . م حتى 14 م ) بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ ( كيرنيوس تولى سوريا من عام 3 ق . م حتى عام 3 \ 4 م ). وأن الأعوام التى تلـــت مولده كانت على ما يظن مرتبطة بالتأريخ الرسمى المعمول به فى الأمبراطــــــــــورية بإعتباره ( بحسب لوقا 3 : 1 ) 1وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُـــــوسَ قَيْصَرَ ( 14 م حتى 37 م أى سنة 28 م تقريبآ  ) ، إِذْ كَانَ بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ وَالِـــيًا عَلَى الْيَهُودِيَّةِ ( 26 م حتى 36 م وهذا يتفق مع حدوث الحادثة أثناء سلطنة طيبـــــــاريوس قيصر) ، وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الْجَلِيلِ ( 4 ق . م حتى 39 م وهذا يثبت نفـــــــس التقدير السالف الذكر ) ، وَفِيلُبُّسُ أَخُوهُ (  4 ق . م حتى 34 م وهو تاريخ متفق كذلــك مع هذا التأريخ السابق )  رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى إِيطُورِيَّةَ وَكُورَةِ تَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَـــانِيُوسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الأَبِلِيَّةِ، 2فِي أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا، كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي الْبَرِّيَّةِ، وهو على ما يبدو من النص أن يوحنا المُعَمِــــــد كان قد وصل إلى طور الشباب أى حوالى الثلاثين عامآ أكثر أو أقل حوالى عام 28 م  وهو فى ذلك الوقت يؤرخ ميلاده بقرب موعد ولادة المسيح حيث أنه يكبره بستة أشهر فقط مما يجـــعل من المسيح فى ذلك الوقت قد وصل لطور الشباب كذلك.
هذا السن المقدر للشباب الذى كان عليه يوحنا المعمدان ( 28 سنه ) ومن ثم المـــسيح جعل هناك تناقضآ مع التقليد الذى يصف سن المسيح فى تلك الأثناء بأنه كان قد بلـــــغ الثلاثين عامآ عند معموديته من يوحنا مما يوقع كل من يعتمد على الأناجيل فى التأريخ فى مشكلة لا حل لها إلا بإرجاع سن ولادة المسيح لتاريخ سابق على عام 1 م مما دعا بعض الباحثين مثل جولدنهويز
J.N.G " The Late J.N.Geldenhuys" ( his article " Jesus Christ , Life of " N.E.B ), pp 620 - 631 .
بإعتبار تاريخ حياة المسيح منذ ولادته حتى صلبه وقيامته من عام 4\6 ق . م حتى عام 30 م مستندآ بذلك على تلك النصوص الواردة فى كتابات يوســــــــــــــــــــــــــــــيفوس ( Ant.XVIII,3.3) وكذلك إعتمادآ ومقابلة بكافة كتابات المؤرخون الرومان مثل :-بلينى وتاسيتوس وسونونيـــــــــــــوس (Tacitus , AnalsXV.44 ; Suetonius, Claudius 25,Nero 16 , Pliny. Epieles X.96  ) .
 أما" د. ج أوج " فهو يرجع ذلك التاريخ ليكون واقعآ بين عامى 7 ، 8 ق. م حتى عام 33 م . ( G.Ogg, ( his article " Chronolgy of N . T  in the N. B. D  pp 223 - 228 ) .
فتاريخ مولده وفقآ لكل ما سبق يمكن أن يكون بين عام 8 ق . م حتى عام 1 م تقريبآ ، فكم بالحرى تكون صعوبة تحديد موعد يوم ولادته ؟ .
وبمزيد من محاولة التتبع منا لمحاولة إكتشاف تاريخ يوم ولادته نلاحظ النص الوارد فى الإنجيل بحسب البشير لوقا ( الذى نصفه بمحاولة الوصول للدقة الكافية على نحو ما يجب أن يتوفر فى المستندات القانونية ) حيث يحدد هذا اليوم على فم الملاك الذى ظهر للرعاة فى لوقا 2 : 11 والنص الذى يقع هذا التحديد فى سياقه هو من عدد 8 حتى عدد 20 وهو كما يلى :

8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. 12وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». 13وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».
15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». 16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. 18وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. 19وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. 20ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ.
ومن هذا النص نتمكن من إكتشاف أن ذلك اليوم الذى حدثت فيه تلك البشارة كان هو يوم الميلاد ذاته ( راجع عدد 11 ) وأن ذلك اليوم كان الرعاة متبدين ( أى فى البيداء أو الصحراء ) ( راجع عدد 8 ) .
ولم يكن يتسنى للرعاة ترك بيوتهم والذهاب بغنمهم للرعى فى المراعى الصحراوية فى فصل الشتاء ، وسط الطقس القارص الذى يسود الصحراء الفلسطينية فى وقت الشتاء وربما كانت تلك الإستحالة تمتد من أواخر الخريف حتى بدايات فصل الربيع .
 وبناءآ عليه فقد كان الموعد هو من أواخر الربيع وفصل الصيف حتى أوائل فصل الخريف وهى مدة طويلة من شهر أبريل حتى شهرسبتمبر .
هذا الغياب للأغنام ووجودها فى البيداء يفسر إمكانية عثور" يوسف " على مكان لولادة العذراء للمسيح  وأقامتها أثناء التعداد الذى صعـّـبَ معه وجود مكان لإقامتهم بسبب التزاحم إلا فى المزود
( والمزود هو مكان حفظ وتخزين التبن والحبوب اللازمة لتربية الأغنام وليس حظيرة المواشى والأغنام كما يصورها الرسامون ) فقد كان يخلو من المواشى والأغنام ويمكن أعداده للأقامة فى ظل هذه الظروف المفاجئة .
ومن هنا نتعرف على المبالغة الفنية المتوارثة بخصوص ولادة المسيح فى المزود حيث دأب الفنانون على تصوير أغنام ومواشى تحيط به ، وكأن هذه الحيوانات كانت متواجدة فى ذلك الحين بينما ينفى الأنجيل وجودها إستنادآ على هذا النص .
إن التواجد فى بيت لحم وقت الميلاد كانت له ضرورة قانونية حيث كانت بيت لحم مدينة " داود الملك " الذى ينحدر من نسله كلآ من العذراء ويوسف النجار ، وكان هذا واردآ فى الأمر الذى صدر من أوغسطس قيصر أن يتم الإكتتاب عن طريق عودة كل المواطنين إلى قراهم ومدنهم الأصلية لضمان دقة التعداد الذى أراد القيام به .
هذا التعداد قد يكون هو الحكم الفصل فى تحديد عام الميلاد الذى ولد فيه المسيح .
لقد كان معروفآ عن أوغسطس قيصر أنه كان يجرى إكتتابآ فى الأمبراطورية الرومانية مرة كل عشرة سنوات فقد تولى الحكم عام 14 ق . م حيث أجرى أول تعداد 13 ق . م ثم تلاه بتعداد عام 3 ق . م ثم تعداد عام 7 م ثم تعداد عام 17 م ولم يمتد به العــــــــــمر للتعداد التالى حيث توفى عام 27 م نفس العام الذى كان مقررآ فيه التعداد .
بينما عاصر كيرنيوس والى سوريا ذلك التعداد الذى تم عام 3 ق . م حيث كان واليــــــآ على سوريا
من عام 3 ق . م حتى عام 3\4 م ثم إنقطعت ولايته لسوريا بولاية أرمينـية حيث عاد ليشهد التعداد الذى تم عام 17 م فقد كان واليآ على سوريا من عام 15 م حتى عام 21 م فى ولاية ثانية له .
والنص الموجود فى الإنجيل بحسب البشير لوقا ( على نحو ما تقدم ) يشير فى 2 : 2 إلى الأكتتاب الذى حدث أثناء ولادة المسيح بإعتبار أنه التعداد أو الإكتتاب الأول الذى جرى إذ كان كيرنيوس واليآ على سوريا ،
ومن الطبيعى أنه يشير إلى التــــــعداد الأول الذى حضره كيرنيوس فى ولايته وليس الإكتتاب الأول فى أيام حكم أوغسطوس قيصر على الإطلاق وبذلك فهو يشير إلى عام 3 ق . م وهو العام الذى ولد فيه المســـــــــــيح تأسيسآ على المعلومات الواردة فى الأنجيل بحسب البشير لوقا .
وبناءآ عليه نستخلص مما سبق أن المسيح ولد عام 3 ق. م الموافق عام 447 رومانية وليس عام 450 رومانية التى إعتبرت العام الأول الميلادى بموجب مجمع نيقية والـذى صار أساسآ لحساب التقويم الميلادى .
وأن يوم ميلاده كان محصورآ بين شهر أبريل وشهر سبتمبر فى ذلك العام .

فماذا عن أهمية الأحتفالية بالميلاد ؟ .

مدى أهمية الأعتداد بأحتفالية الميلاد كنسيآ : -
من بين الأمور التى إهتم مجمع نيقية لأرسائها هو وضع نظام دقيق للعبادة فى الكنيسة تتوفر فيه عدة شروط كان من أهمها عدم أعطاء فرصة للأفكار الهرطوقية من الإنتشار والإنتقال للبسطاء من عامة الشعب بواسطة الترانيم التى كانت وسيلة فعالة من خـــلال حفظها بواسطة الأميين الذين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة لمطالعة الأسفار المقدســة والتعلم منها ، وكان آريوس المهرطق الذى أدانه مجمع نيقية محترف لنظم التـــــرانيم التى تنشر أفكاره ، فعمد أثناسيوس ألى أغريغوريوس وباسيليوس وكيرلس وهـــم من أشهر المرنمين فى ذلك الوقت ، لوضع نظام دقيق يخلو من الترانيم الهرطوقية ، بحيث يحفظه الشعب ولا يعتمدون غيره ، ومن هنا نشأ القداس الباسيلى والغريغـــــــــــــورى والكيرلسى .
وإحتوى نظام العبادة على فقرات تتخلل سياق القداس ( ومعنى كلمة قداس فى الأصـــل أى حفلة ) تلك الفقرات كانت قراءات متناثرة من الكتب المقدسة فى العهد الجــــديد من رسائل بولس الرسول " البولس " ومن الرسائل الجامعة " الكاثوليكون " ومن ســفر الأعمال " الأبركسيس " ومن الأنجيل " أنجيل " ولم يبق فى العهد الجديد سوى سفـر الرؤيا أى" أبوغالمسيس " الذى
حدد له وقت لقراءته مكتملآ.. وكانت المزامـــــير فى كتب الصلوات وفى صلوات عشية ( أى الإستعداد السابق على إقامة القداس عند حلول موعد العشاء السابق عليه ) وفى صلوات باكر التى تردد بواسطة الأفراد داخل وخارج الكنيسة .

وكانت السنة الرومانية التى تم إستبدالها بإعتبارها تقويمآ ميلاديآ تبدأ بشـــــــهر يناير حيث كانت بداءة القراءات من الأناجيل ، هذه البدايات كما سبق وعرفنا تحــــــتوى فى الإنجيل بحسب البشير متى والإنجيل بحسب البشير لوقا على أحداث الميــــلاد ، وحتى بدايات الإنجيل بحسب البشير يوحنا وبحسب البشير مرقس يمكن إعتبار أعدادآ قليــلة منها تخدم هذا السياق ، حتى وإن كانت لا تشير إليه إشارة ظاهرة ، مما جعل بدايـــــة العام مرشحة بإمتياز لتذكر أحداث الميلاد ، دون الخوض فى مدى مطابقة ذلك التوقيت للموعد الفعلى للميلاد بأعتبار تقديم أهمية التعليم الروحى للكتاب المقدس ، على نحــوٍ من التسلسل التاريخى الملائم لتوصيل تلك التعاليم الروحية لذهن المتلقى من المتعبدين مهما كانت ثقافته .
وبحدوث الفروق بين التقويم الجريجورى واليوليانى عامآ بعد عام كانت هناك فــــروق بين النقص فى تقويم يقابله زيادة فى تقويم آخر فى تحديد الأيام التى تتم فيها تناول تلك الأجزاء الخاصة بذكرى الميلاد .
والظاهر اليوم أن أهمية ذكرى الميلاد تكمن فى تذكر التجسد الكامل للمسيح كمــــــؤهل وسند شرعى لإتمام الفداء    فيلبى 2 : 5 - 8 : -
 5فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّــــــــذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: 6الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْــــــــــئَةِ كَإِنْسَانٍ ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.
هذا النص الذى يعتبر صيغة إيمانية ( قانون للإيمان ) أولى مبنى على النبوات الواردة فى كتب الأنبياء داود فى سفر المزامير 22 :  6
وأشعياء 53 : 3  ودانيال 9 : 29 وأشعياء 42 : 1 وحزقيال 34 : 23 و زكريا 34 : 8 .
وفى تيموثاوس الأولى 3 : 16 : -

16وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.وهى صيغة إيمانية أولية كذلك مبنية على ما جاء فى متى 3 : 16 ورومية 1 : 4  ويوحنا 1 : 14 ويوحنا الأولى 1 : 2 وأعمال الرسل 10 : 34 و رومية 10 : 18 وكولوسى 1: 6 ، 23 ولوقا 24 : 51 .
وفى الإنجيل بحسب البشير متى 1 : 22 ، 23 : -  22وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 23«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيـــلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.وهو نفس نص النبوة الواردة فى أشعياء 7: 14 وفى نفس الأنجيل 2 :3 - 6  : -
 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ:«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقَالُوا لَهُ:«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».وهى نبوة وردت فى نبوة ميخا 5 : 2 ومزمور 132 : 11 .
وفى الأنجيل بحسب البشير لوقا 1 : 30 - 33 : - 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَـــــــافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».تتميمآ للنبوة التى فى أشعياء 7 : 14  ومزمور 132 : 11 وأشعياء 9 :6 ، 7 وأرميا 23 : 5 .وفى غلاطية 4 : 4 - 6 : -  4وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُــــــــــــــــودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. 6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَــــــلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا:«يَا أَبَا الآبُ». تتميمآ للنبوة تكوين 49 : 10 و تكوين 3 : 15 و أشعياء 7 : 14 . مما سبق يتضح بجلاء ووضوح مدى أهمية تذكر المــــيلاد فى عقيدة وفكر الكتاب المقدس حيث يكون الميلاد هو اللبنة الأولى لعقيدة التـــــــــــــجسد والوسيلة التى تؤدى للفداء والبرهان الذى يثبت محبة الله للجنس البشرى حيث يــقول فى يوحنا 3 : 16 : - 16لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. أن الله وقد سبق له أن أعطى فرصة للإنســـان حتى يوصل الإنسان مثله لمعرفة فكر الله ، وقد أبلى الإنسان فى سبيل ذلك بلاءآ حسنــآ يتمثل فى شهادات الأنبياء والرسل السابقين على ميلاد المسيح ، بيد أن هذا الجــــــــهد البشرى الذى كان مدعومآ بواسطة الله بإختيار أولئك للنبوة وتزويدهم بفكره الذى يريد أن يرسيه بين البشر ، ولكن مع هذا الجهد البشرى الملازم لفكر الله ، لم يتمكن الإنسان من إظهار الله بصورة أكثر نقاءآ تتطابق تمامآ مع حقيقة الله المحب والقريب للبــــــشر بسبب محدودية إدراك الإنسان وعدم قدرته أحيانآ ،  لذلك كان التجــــــــسد هو الوسيلة الوحيدة التى تؤدى إلى هذا الغرض من خلال الميلاد لذلك نجد النص يطــــــــــــالعنا فى عبرانيين 1 : 1 - 4 .
 1اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، 2كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، 3الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، 4صَائِرًا أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ.
وهذا النص يتفق مع ما ورد فى سفر العدد 12 : 6 وأفسس 1 : 10 ويوحنا 1 : 17 ومزمور45 : 6 ، 7 ويوحنا 1 : 14 ويوحنا 1 : 4 ورؤيا 4 : 11 .
وهكذا تبرز أهمية حادثة الميلاد .
ذكرى الميلاد والتقاليد المصاحبة لها فى المجتمع الكنسى :-
صاحب وواكب تذكر حادثة الميلاد فى الكنيسة عبر العصور عدة مظــــــــاهر ، هى فى جملتها لا تعبر عن فكر الكتاب المقدس ولا عقيدة المسيحيين ، ولكنها ذات أغـــــراض إجتماعية تؤدى لهدف روحى فى النهاية ، ومن بين تلك المظاهر ما شاع فى المجتمع الغربى عن " بابا نويل " أو " سانتا كلوز "بخصوص تلك الهدايا التى يوزعـــها من يتقمص تلك الشخصية على الأطفال ، تلك الهدايا التى كانت عند نشأة فكرة هـــــــــــذه الشخصية تخص حاجة أطفال الفقراء المادية لشراء الملابس والهدايا مثل الأطفــــــال الأغنياء ، وكانت شخصية " بابا نويل " هى المخرج الأجتماعى الأسطورى لوفــــــاء الكنيسة برغبتها فى التعاطف مع هؤلاء الأطفال الفقراء ، ولكن بعد وصول المجتمــــع الغربى لمستوى مادى جعل من الفئات الشديدة الأحتياج على هذا النحو نادرة ، وذلـــك فى ظل الأنظمة الإقتصادية التى تكفل التأمين المناسب للمواطنين ، مما تحولت معـــــه فكرة " بابا نويل " لتكون من قبيل الترف الترفيهى للمجتمع المسيحى فى الغرب ، فى الوقت الذى أبتدأ المسيحيون فى الشرق فى تبنى هذه المظاهر الفولكلوريــــــــــة دون الخوض فى أسباب نشوئها كظاهرة .
وكان من النتائج التى ترتبت على تحديد موعد عيد الميلاد بواسطة مجمع نيقـــــية فى بداية السنة أن صارت هذه الذكرى تواكب فصل الشتاء بما فيه من برودة على النـــحو الذى أوحى للفنانين بتصوير طبقات الجليد وهى تنساب من بين الأشجار والنيران التى تشعل بهذه المناسبة .
ويقول المقريزى فى القرن الحادى عشر واصفآ الأحتفال بعيد الميلاد

"وأدركنا الميلاد بالقاهرة ومصر وسائر أقاليم مصر، موسماً جليلاً، تُباع فيه الشموع المزهرة بالأصباغ الجميلة والتماثيل البديعة بألوان لا تنحصر، فلا يبقى أحد من الناس أعلاهم وأدناهم حتى يشترى من ذلك لأولاده وأهله، وكانوا يسمونها الفوانيس، ويعلقونها في الأسواق والحوانيت.. . شيئا يخرج من الحد في الكثرة والملاحة.. ويتنافس الناس في أثمانها، حتى لقد أدركت شمعة عُمِلَت فبلغ مصروفها ألف درهم وخمسمائة درهم فضة، عليها ما يزيد عن سبعين مثقالاً من الذهب".

وهكذا يروى الشيخ تقي الدين أحمد بن على المقريزي أنه شاهد مما كان يرى ويرصد، فيقول أيضاً:
"وأعرف السؤال في الطرقات أيام هذه المواسم، وهم يسألون الله أن يتصدق عليهم بفانوس، فيشترى لهم من صغار الفوانيس ما يبلغ ثمنه الدرهم وما حوله.. ثم لما اختلَّت أمور مصر، كان من جملة ما ظل من عوايد الترف عمل الفوانيس في الميلاد إلا قليلاً.
وأما فى الغرب فقد كانت شجرة الكريسماس ولا تزال من أهم مظاهر الإحتــــــــــــــــفال المجتمعى ( وليس الدينى كما يتوهم غير المسيحيون ) وهى فى العادة تتكون من فــرع كبير أو عدة أفرع أو شجرة من الأشجار الدائمة الأخضرار فى نصف الكرة الغربــــــــى الشمالى من مجموعة الأشجار الصنوبرية أو الإبرية يزينونها بألعاب ولمبات ( راجـــع إستخدام الفوانيس والشموع عند أقباط مصر بحسب وصف المقريزى ) ، وتعود فكــرة الشجرة إلى أنه كان هناك مبشرآ راهبآ إسمه " سانت يونيفاس " وكان يعظ عظة عـن الميلاد لإحدى القبائل الجرمانية وهى قبيلة " درويدس " التى كانت تعيش فى بلــــــدة " جايسمر "وكان فى عظته يريد أقناع هؤلاء الوثنيين أن شجرة البلوط ليست مقدسة أو مصونة وقد كانوا يعبدونها فقام بقطع  أشجار البلوط التى كانت موجــــــودة فى تلك المنطقة التى كان يعظ بها ولم تبق هناك غير شجرة واحدة صغيرة قال عنــــــــــها ذلك المبشر أنها تمثل الحياة الوحيدة الباقية التى ترمز بإستمرارها فى الحياة للطفل يســوع الذى به وحده تظل الحياة مستمرة ، وبينما تقدم الجرمان فى الإيمان وأدركوا أن قيمتها لا تتعدى كونها مجرد رمز للتعليم ، ولكن شاع فى أوروبا منذ ذلك الحين إستـــــخدامها من بين الرموز التى تدل على الميلاد .
 والوقع أن المجتمعات الغربية صارت تنظر إليها على أساس أنها من بين مكملات ذلك الشكل الإحتفالى الفولكلورى .مع أن الكتاب المقدس لا يتحدث عن شجر للميلاد ولا عن "بابا نويل " ولا عن الشمع أو الفوانيس أو رقائق الثلج أو ميلاد المـــــسيح فى مغارة بها أغنام ، بل عن مولد بسيط فى مزود يخلو من الأغنام .
ولا تكفر المسيحية الفن أو تستهجنه لأنها ترى فيه وسيلة للرقى بذوق الإنســـــــــــان والسمو به نحو عالم من المثل الأنسانية التى تطبق الدين فى روحه ومعانيه السامية ،  وليس فى حرفيته .

د.ق.جوزيف المنشاوى


الأحد، 28 أغسطس 2011

الكهنوت الدينى والسياسى والأجتماعى

الكهنوت فى أصله لا يرتبط بدين بعينه ، بل هو تبوء إنسان ما ، لمركز الوساطة بين الإنسان والمثل الأعلى ، أوهو السلطة المهيمنة على التوجيه الأخلاقى والعقيدى ، يستوى فى ذلك الحاكم المستبد مع ماركس - وغيره من مشرعى الفلسفة الأخلاقية ومعلميها - مع كهنة الفراعنة والأزتيك وأحبار اليهود وحاخاماتهم مع كهنة المسيحيين ، وكذلك المتشددون من أهل السلف وأى أمة تنادى بالتشدد الدينى وقبول فرض الوصاية الفكرية عليها كوصاية الخمينى مثلآ
   
                                              .
لذلك كانت الأديان ، ولا تزال من أهم أسباب الصراعات والحروب بين البشر، لأهمال كهنتها - حتى لو لم يطلقوا على أنفسهم هذا اللقب - إدراك أن مقاصد الله هى الخير لجميع البشر،ونصبوا ذواتهم أوصياء على الناس ، بما أعطاهم الناس من صلاحيات نتجت عن الكاريزما التى تميزوا بها .
والواقع أن الأديان من حيث أنها تحتوى على تعاليم ، فهى مجال مغرى لعمل الشيطان ، الذى يُدخل فى روعِ المعلمين لها ، شيئآ من الإحساس بالتفوق على باقى البشر بذلك العلم ، فيُنَّصِبونَ من أنفسهم أوصياء عليه ، ووسطاء عنه وهذا هو مفهوم الكهنوت .
فى كل الأديان القديمة والأكثر حداثة كان الدين هو المجال الخصب لإنتاج المزيد من الكهنة ، وكان هذا هو الذى دعا السيد المسيح لتوصية تابعيه فى قوله "وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. ١٠ وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ. ١١ وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ. ١٢ فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ." ( الإنجيل بحسب البشير متى ٢٣ : ١٠ - ١٢ )
وما دام هناك فكر فإن معلميه يختلفون حوله ، فمنهم من يغريه شيطان الذات للرغبة فى التسيد على كل البشر من حوله ، ومنهم من يقنع بدور التابع دون أن يُحَّمِل نفسه عناء الفكر ، ومنهم من يجد أفكارآ أخرى ينتظر أن يتبعه فى تبنيها آخرون ، وتلك هى طبيعة الفكر - أى فكر - فالبشر تختلف درجات قناعتهم به ، وبسبب وجود آخرون لهم أفكار مناوئة له وبالتالى يتزعم هذا الفكر الآخر كهنة آخرون ، يقع الصدام ، ليس فقط على مستوى الفكر الدينى ، بل على مستوى الفكر الإجتماعى والسياسى كذلك .
ونحن نذكر القذافى وكتابه الأخضر ، والعصر الناصرى والميثاق بل الفكر الشيوعى وماركس ، حلقات من الصراع الذى لا ينتهى .
وكلنا فى مصر يذكر عهد طلائع الفكر الإشتراكى فى مصر ، والسلطة التى نصبت منهم أوصياء على المجتمع ، ولجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل ، وغيرها من أصناف للكهنوت الإجتماعى على المجتمع المغلوب على أمره .
لو أدرك الكل وسلموا بأن عقول البشر غير متساوية ، وبأن رؤيتهم للأمور تتعدد  ، وتتنوع زوايا رؤيتهم لها ، بنفس كيفية تميز شخصياتهم وتمايزها على نحو فردى فريد لا يمكن ان تتطابق من خلاله أى شخصية مع غيرها ، لأن التمايز فى الشخصيات والإختلاف هو القاعدة لفهم طبيعة البشر.
لو أدرك كل العالم ذلك ، لتعامل الفرد مع أخيه الإنسان وهو يُسَّلِمُ بأن هذا الأخ هو بالضرورة مختلف عنه ، ولا يمكن أن يكون مطابقآ له ، وأن أى محاولة لإعادة صياغة الآخر على نفس النمط الذى تكون أنت عليه ، هو نوع من الكهنوت أنت تمارسه ، وأن إتهامك له بالكفر أو الزندقة ، هو الكهنوت ذاته الذى تحاول فرضه بالقوة .

فهل من الدين أو الأخلاق أو المبادىء البناءة أن يفرز المجتمع كهنة ؟، حتى لو لم يطلقوا على أنفسهم كهنة؟ ، وحتى لو كانوا يلعنون الكهنوت إسمآ دون إدراك لممارستهم له عمليآ ؟ إنه يشبه نفس المنطق الذى يقسم به القاتل أمام المحكمة أنه لا سمح الله ليس بقاتل .والشىء الأشد خطورة هو أن هذا اللون من الكهنوت المفروض على الشعوب ، تأثر بالحركة الصهيونية بصورة واضحة ، حتى لقد صدَّرَت الحركة الصهيونية بتشددها الكهنوتى الأزياء التى تصورتها تعبر عن هيئة وزى أهل          
السلف للسلفيين من أصحاب الفكر أو الدين الاخر غير اليهودى ، حتى مبادىء هؤلاء فى رفض الآخر تم نقلها بحذافيرها لهذه الأديان الأخرى ، ولكن مع الفارق ، بينما كان المتطرفين والمتطرفات اليهوديات يبحثون عن تأصيل مقتع لليهود بمدى تناسب هذا التشدد مع التاريخ اليهودى ، سعى كل من إستورد هذا الفكر للبحث فى كتبه الدينية ليجد علة لهذا التشدد ، ومن الطبيعى أنه يجد فى هذا التاريخ تشابهآ ، وذلك بسبب أن الديانات كانت تعكس فترة قديمة من التاريخ ، كانت فيه هذه الأزياء أو أشباهها على وجه أكثر صحة ، هى المنتشرة فى تلك المجتمعات فى عصور البداوة .
وصار الدين فى مفهوم هؤلاء هو تتبع بشر بأزيائهم وأكلاتهم وعرفهم الإجتماعى السائد فى عصور غابرة ، دون الإلتفات لغاية الأديان والمبادىء المختلفة بإرساء دعائم فكر يكون هدفه هو رقى المجتمع وليس تأخره .

د.ق.جوزيف المنشاوى

الخميس، 25 أغسطس 2011

الطلاق


هل أنتم مستعدون لقنبلة من العيار الثقيل ؟؟

المسيح لم يناقش الطلاق مطلقآ ونهائيآ ، فالنرجمة غير دقيقة.
كلمة "طلاق" هى فى اليونانية 
ἀποστάσιον.
وهى لم ترد فى العهد الجديد كله ألا ثلاث مرات ،
(1) فى متى 5 : 31 «وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق
(2) وفى متى 19 : 7 7قَالُوا لَهُ:«فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» 
(3) وفى مرقس 10 : 4 4فَقَالُوا:«مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ». 
فالمسيح فى ردوده على أسئلة محاوريه كما فى متى 19 ومرقس 10 لم يورد فى حديثه أى مناقشة لموضوع الطلاق، وكأنه لم ينقض أى تشريع سابق عليه ولكنه كان يناقش الهجر أو الرفض ولم يستخدم كلمة طلاق ولكن المترجمين أستسهلوا أستخدامها كترجمة لكلمة 
ἀπολύων
ومعناها الدقيق هو الهجر وقد جاءت فى العهد الجديد 68 مره ( كلمة هجر ولكن بمعانى مختلفة ) من بينها :- 
كل من طلق ( هجر ) أمرأته ألا لعلة الزنا يجعلها ....ألخ وهكذا
لم يناقض المسيح الناموس فلم يحكم بأى تشريع مخالف له حيث أنه يستخدم التعبير 
ἀπολύσῃ 
أى هجر أو أطلق .... ألخ
ἀποστάσιον.
أى طلاق ، ولم ترد على لسانه مطلقآ
ولكنه أستخدم 
ἀπολύων 
أى يصرف ، يحل ، يخلى ، يهجر ، يطلق ( بدون تشديد اللام ) وقد جاءت مثلآ لترجمة الآية فى سفر الأعمال 15 : 30 أطلقوا
"فَهؤُلاَءِ لَمَّا أُطْلِقُوا جَاءُوا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، وَجَمَعُوا الْجُمْهُورَ وَدَفَعُوا الرِّسَالَةَ"
وفى مرقس 6 : 36 بمعنى أصرفهم 
"35وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى. 36اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ». 
وفى عبرانيين 13 : 23 أطلق
" 23اِعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أُطْلِقَ الأَخُ تِيمُوثَاوُسُ، الَّذِي مَعَهُ سَوْفَ أَرَاكُمْ، إِنْ أَتَى سَرِيعًا
أما الشريعة التى لم يلغيها المسيح لأنه لم يتحدث عن الطلاق فهى
أولآ فى الزواج الطبيعى 
فى تثنية 24 : 1 -5 
" «إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ، وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ، 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَق وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الَّذِي اتَّخَذَهَا لَهُ زَوْجَةً، 4لاَ يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لَهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذلِكَ رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ. فَلاَ تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.
5«إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً جَدِيدَةً، فَلاَ يَخْرُجْ فِي الْجُنْدِ، وَلاَ يُحْمَلْ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَّا. حُرًّا يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً، وَيَسُرُّ امْرَأَتَهُ الَّتِي أَخَذَهَا.
ثانيآ تحريم الطلاق فى الزواج الغير طبيعى 
(1) حالة زواج المغتصبة بواسطة من أغتصبها
وهناك حالات أخرى يحذر ويمنع الطلاق فى حالات زواج غير طبيعى مثل زواج المغتصب لمن أغتصبها
راجع تثنية 22 : 28 - 29«إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ، فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، فَوُجِدَا. 29يُعْطِي الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَتَكُونُ هِيَ لَهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلَّهَا. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ" ، حتى ينجو من العقاب ، بينما 
( 2) الزوجة التى تلاقى من زوجها أتهامآ ظالمآ
وفى هذه الحالة يفقد الرجل فيها حقه فى الطلاق أذا أدعى زورآ على زوجته بفعل الفاحشة راجع تثنية 22 : 13 - 19 " «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، 14وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. 15يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، 16وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. 17وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. 18فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ 19وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ.
فما رأيكم أذكروا أن الرب يسوع المسيح قال " ما جئت لأنقض بل لأكمل "
----------------------
وبعد نشر ما سبق توالت التعليقات ومنها تعليق الأستاذ سامح عزيز كما يلى
 طوال عمرى و انا غير مقتنع عقلا بما تفعله الكنيسه فى عهد البابا شنودة بخصوص موضوع الطلاق , و لكن كنت أصطدم بالنصوص الكتابيه بحسب ما أفهموها لنا فى الصغر , إلى أن كبرت و أكتشفت التدليس فى أختراع آية "لا طلاق ألا لعلة الزنا" الغير موجوده فى الكتاب ! ثم أستمعت لتفسيرات كمال زاخر و القس أكرام لمعى و القس صفوت البياضى و أستفدت منهم كثيرا , إلى أن تعرفت على حضرتك هنا لأقرأ كلامك هذا الذى لا أستطيع شكرك عليه الشكر الذى تستحقه.
سؤال أخير إذا سمحت حضرتك , ما هو تفسير "من تزوج بمطلقه يزنى" ؟ , و أذا كانت الكنيسه الأرثوذكسيه ترفض زواج الشاب البكر من المرأة المطلقه حتى بسبب زنى زوجها , فهل لهذا سند من الكتاب ؟ .. أشكرك مقدما
--------------
فقمت بالرد عليه قائلآ 
ما دمنا عرفنا أنه لا يتحدث عن طلاق وأن مسمى مطلقة غير وارد فهى مهجوره 
فأن المهجورة من زوجها أذا تزوجت بأخر فأنها تزنى ومن يتزوجها فهو يزنى حال كونها لا تزال متزوجة ، فالتوصيف هو هجر وليس طلاق
-----------------------
وعقب الأستاذ هشام عبد الحميد كما يلى
 هل يمكن ان تترجم لنا ياسلوب الترجمة الحرفبة آية : من جمعهما الله لا يفرقهما انسان .. 

لان (لا) فى العربية تحتمل أكثر من معنى .. فمكن ان تكون فى هذا السياق (لا الناهية) وقد تعنى التحريم بمعنى لا يجوز مطلقا .. وقد تعنى النصح بمعنى لا ينبغى .. 
وقد تكون (لا النافية) وقد تعنى الاستحالة بمعنى لن يستطيع احد .. وقد تعنى المخالفة بمعنى ان من فرقهما انسان لا يمكن ان يكون الله قد جمعهما 

نحتاج للترجمة من النص الأصلى
-------------------
فقمت بالرد علية بالتالى 
النص فى كماله موجود فى متى 19 : 4 - 6 وكما تقضى قاعدة التفسير أن يؤخذ النص مع قرينته وهو كما يلى
4فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 
ὃ οὖν what therefore الذى لهذا السبب
ὁ θεὸς God الله
συνέζευξεν yoked together يقرنهما معآ
ἄνθρωπος man الأنسان
μὴ χωριζέτω. let not separate لا يتاح (له) فصلهما
القرينة فى النص تتحدث عن عمل الله بوصفه خالقآ ، فقد قام بخليقة كل من الرجل والمرأة ، وفى ذلك أشارة لعملية الخليقة التى فيها جبل الله حواء من ضلع آدم ، بحيث كانت فى الأصل قبل تعرفه عليها هى منه ، وهنا أشارة للأعداد الأولى الذى يجب أن يكون موجودآ فى المرأة قبل الزواج ، بحيث تكون مؤهلة تمامآ للأقتران بهذا الرجل ، دون غيره من الرجال ،ولأن التقارب موجود بهذه الصورة الطبيعية فأن الرجل يترك أباه وأمه ويأخذ أمرأته ملتصقآ بها لأنها تمثل ذلك الضلع ( على نحو مجازى ) الذى منه خرج ، فهى منذ البداية ، هى له مكملة لكيانه فيكونا معآ كيانآ مشتركآ واحدآ ، وهنا تأتى الآية التى تترجم حرفيآ كما يلى :-
الذى ( وتعود على الزواج ) بمعنى الزواج الذىلهذا السبب ( ويقصد وحدة الكيان من الأصل بين الرجل والتى أعدت لتكون زوجته )يقرنهما الله معآ ، لا يتاح للأنسان أن يفصلهما
فالآية أذآ منفصلة بدون قرائن هى 
الزواج الذى لهذا السبب يتم الله قرانهما معآ ، لا يتاح للأنسان فصلهما 
هل صارت واضحة ؟
 أن ترجمات الكتاب المقدس ، جميعها ، هى ترجمات تقريبية لتعريف الناس الناطقين بمختلف اللغات مجمل الرسالة 
ويبقى قول لوثر والذى دخل كافة قوانين الأيمان فى الكنائس المصلحة وهو
" الكتاب المقدس هو القانون الوحيد المعصوم من الخطأ للأيمان والأعمال فى لغاته الأصلية "
--------------
وعقب من أطلق على نفسه هابى مان بقوله 
ربنا يبارك أخ جو .. طب كويس ممكن نقرا سوا الترجمة الأقرب لما قيلت على فم الملك .... لا هجر ألا لعلة الزنا ... طب رأى المسيح أيه ؟؟؟؟
أقصد هو كده من الهجر أو ممكن نعتبره أنفصال ؟؟؟؟ ولكن ماذا عن الطلاق ؟؟ ما رأى المسيح فى الطلاق
فأجبت
صيغة لا ... ألا
هى صيغة تشريعية لم تأت على فم المسيح مطلقآ ، فهو كما أتفقنا لم يشرع شريعة جديدة بعد ألغاء شريعة سابقة وألا كان أضافة العهد القديم لكتابنا نوع من العبث
فى الواقع نحن كعهد جديد أضفنا أليه ولم يضف العهد القديم لنا
هذه البصيغة القانونية ينتج عنها مآسى أذا طبقتها المحاكم ، فمعناها أن على المسيحى لكى يطلق أن يرتكب جريمة الزنى ، أنها دعوة للفجور خرجت من أحد المقرئين على الترب هههه الذين يعرفون الكتاب فى لغة ولسان العرب وبقليل من الدهاء الذى تصوره حور حتى الترجمة ليصنع منها قانونآ لم يقله المسيح
القول الذى ورد على لسانه هو
كل من هجر أمرأته ألا لأشاعة عن فحشاء يجعلها تزنى ومن يتزوج بمهجورة فهو يزنى بها
وكما سبق وأوضحت أن هذه هى نتيجة منطقية حيث أن الذى حدث بينهما ليس طلاقآ بل هجرآ فيكون بمعاشرتها زنى
ولم يتدخل المسيح فى حديثه عن طلاق بمعناه القانونى الشائع
أما الحديث عن الطلاق فهو مرهون بالشريعة الموسوية التى أقرت الطلاق على شرط كتابة صك ، وليس كيمين يوقع على المرأة
-------
فرد بقوله
حرام عليك بجد .. يعنى سايبنا عمالين نتخبط .. كنت فين ..أنا كنت مستغرب..... الكتاب المقدس على أختلاف العصور والأزمنة والكتاب عباره عن نغمة واحده ....أو مقطوعة موسيقية صعب أنك تلاقى حته نشاذ ....ألا موضوع الجواز ده ؟؟؟؟ جريمة القتل ممكن أننا نسمحلك عنها لكن أنك تطلق لا ؟؟ ربنا يباركك
Please If There are good books
-----------
وقال الأخ ميشيل فايز
وبعدين كان السؤال عن الطلاق ليه المسيح يرد عن الهجر
أنا أعرف تفسيرين عن الآية دى بس يبقى كويس لو فيه تفسير ثالث
فكان ردى
لأنه ببساطة أعلن منذ البداية أنه لك يأت لينقض بل ليكمل
لذلك لم يناقش الطلاق نفسه ولكنه يعقب على سبب الهجر وهو ورد على نحو ما كان يظنه اليهود مبهمآ فى ذلك الحين حتى تصارعت مدرستين فى التفسير للنص الموجود فى تثنية 24 : 1 الذى ذكرناه أعلاه فى القول " لأنه وجد فيها عيب شىء "
فقد فسرها " غمالائيل " معلم الناموس بأن هذا العيب المقصود به السيرة البطالة أو فعل الفحشاء أو السمعة السيئة .
بينما يفسرها " هليل " أنه مجرد فشل الزوجة فى القيام بواجباتها حتى لو كان هذا الواجب هو طبخ الطعام للرجل فأفسدته ، والمسيح على ما يبدو يعقب على ما شاع فى الأجواء فى مجتمعه فى ذلك الوقت دون التطرق للطلاق فى حد ذاته مثلما كان يفعل غمالائيل وهليل
------------
ويسأل أشرف عبد المسيح
سؤالى هنا لماذا يتفق باقى الطوائف على الترجمة الخاطئة للكتاب المقدس باللغة العربية هل الطوائف كلها تجد العرب المسيحيين أرض خصبة لأستبعادهم من هذه الزاوية فقط أم ماذا ؟؟
وكانت أجابتى
لا يمكن أتهام الترجمة بأنها خاطئة لأن المترجم تحكمه عدة عوامل تجعله مضطرآ لأختيار الكلمات بالشروط التالية :-
1- أن تعكس الترجمة أقرب كلمة متاحة ( وضع خط تحت كلمة متاحة ) فى اللغة التى يترجم أليها ، ومشكلة الترجمة من لغة كلاسيكية قديمة ألى لغة حديثة  ، مشكلة كبرى  ، فأنت تجد المفردات فى اللغة الكلاسيكية عددها قليل بالنسبة للغات الحديثة التى أضيف لها العديد من المفردات على سبيل التحديد أكثر للمعانى ، وهنا تكون مشكلة أختيار أقرب هذه المفردات لقصد المتكلم بناء على القرينة
2- المترجم مطالب بأن تكون الكلمة المترجمة تعكس نفس نسق الأشتقاق من الكلمة الأصلية فكما يكون أسم فاعل ينبغى أن تأتى الكلمة المترجمة أسمآ للفاعل ، وما يكون صفة ينبغى أن يأتى كذلك بالكلمة المترجمة فى أشتقاقها كصفة ... ألخ مما يضفى صعوبة على المترجم
وقد يضطر فى سبيل ذلك للتنازل عن كلمة أكثر دقة ، وأختيار كلمة أخرى أكثر عمومية فى معناها للوصول ألى النسق المنضبط ، على أمل أن يعكس النص فى قرينته ما يقرب القارىء للمعنى المحدد الموجود فعلآ ضمن مدلولات الكلمة التى أستقر بأختياره لها ولكنه غيرظاهر على سطح المعنى فى اللغة العصرية
3- لا يوجد شىء على الأطلاق أسمه الترجمة الدقيقة مائة فى المائة ، فكلمات كل لغة لا تعكس كل مدلولات أمكثر الكلمات المقابلة فى اللغة الأخرى أنضباطآ بسبب أختلاف ثقافات وبيئات الشعوب فعلى سبيل المثال لا الحصر فأن أكثر الكلمات أنضباطآ لترجمة كلمة " صبى " فى اللغة العربية هى كلمة :
boy
فى اللغة الأنجليزية
بينما كلمة " صبى " قد لا تعنى مجرد معنى ولد ( أى كائن بشرى ذكر صغير السن ) كمل تكون فى مدلولات الكلمة فى ذهن الأمريكى مثلآ ، بل قد تكون الكلمة فى مدلولها العربى القائل لها تعنى أحد الأطفال الذين يستخدمهم الحرفى لتلمذة مهنية
لذلك يجب الرجوع للغة الأصلية مهما كانت الترجمة دقيقة .



 




        











الجمعة، 22 يوليو 2011

الكنيسة بين مسيحين ( أثنين )

 لا تريد الكنيسة أن تفهم المسيح ، بل هى تصنع لها مسيحآ آخر
فالمسيح الذى نعرفه جاء لهدف محدد وهو الفداء.
أما المسيح الذى تنشده الكنيسة التى لوثها العالم فهى تبحث فيه عن أله العالم ، وتتوسم فيه أن يعطيها ما يعطيه اله العالم لتابعيه.
وعندما لا تجد فيه ذلك ، تلجأ للوى ذراع النصوص ، وتوجيه معانى كلماته ألى حيث يقصدون هم - وليس حيث كان قصده هو - فى الوقت الذى لم يكن يقصد فيه هذا الفكر الذى ينسبونه له.
أيها السادة لم يأت المسيح ليتحدث عن الزواج والطلاق ، هناك آخرون كان لهم أهتمام بذلك أما هو فكانت له مهمة أسمى
أيها السادةلم يأت المسيح ليشرع القوانين التى توزع أنصبة الميراث ، لأن المملكة التى جاء ليفتديها لها ميراث آخر.
أيها السادة لم يأت المسيح ليتحدث عن نزوات الزوج أو شطحات المرأة ، بل جاء لكى يفتدى الأنسان الذى من خلال فداء المسيح له سيعرف طريق الطهارة الذى يجب أن يسلك فيه .
أيها السادة أنتم تبحثون عن مسيح تفصيل ، يناسب شكل الأله الذى يعبده العالم، وأستعبد الناس أنفسهم له ، هذا الأله الذى يعد عليهم أنفاسهم ،ويعلمهم كيف يغسلون وجوههم ، وكيف يأكلون طعامهم ، وكيف يتنفسون .
لكن المسيح لم يأت لهذه الصغائر من الأمور ، التى تأتى تلقائيآ عند أى رشيد عاقل ،
وقد شاء أن يفعل ذلك بنا عندما قدم لنا الفداء ، وحررنا من كل تلك القيود لنمارس من خلال تلك الحرية ، تلك التصرفات المتزنة العاقلة التى لا تحتاج لنصوص تشريعية لتحكمها .
لقد أستغلوا ردوده على الأفراد الذين ينتمون للمجتمع الجاهل - المجتمع الذى كبله أبليس وجعلهم لا يطيقون التصرف بدون أمر مكتوب - ولم يكن يريد لهذه الردود أن تكون ناموسآ مكتوبآ - فى الوقت الذى جاء فيه هو ليحررنا من عبودية الناموس - ولكن دون تابعيه ( كتبة الأناجيل والرسائل ) تلك الأقوال كنموذج لحسن تصرفه وحكمته ، ولكن الناس قلبوها حتى حولوها لتصير ناموسآ ، وكأنه مات بلا سبب ، وكأن تجسده كان لأجل نفس الهدف الذى جاء لأجله موسى .
المسيح حضر عرس قانا الجليل ، وحضر أجراءاته كلها ولكنه لم يتدخل فيها بالتعديل أو التحريم أو حتى المدح ، حتى الخمر ، وأكرر حتى الخمر، وقد كان خمر حقيقى وليس مجرد عصير طازج للعنب - فيما يدعون - بل معتقآ ، حتى هذا الخمر لم يتحدث بشأنه ، بل أعطاهم ما يشتهون ، أرضاء لعقولهم الفارغة ، حتى يستمعوا وينصتوا فيما بعد الى تعليم الفداء الذى علم به فى شوارع مدنهم ، ثم قام به على نحو عملى فوق الصليب .
عن أى مسيح تتحدثون ؟؟؟؟
هل تطلبون مسيحآ مثل الأنبياء البشر الذين كانوا يكتبون الوحى أو يكلفون تلاميذهم بكتابته ؟؟؟؟
 قد ضللتم الطريق ، وضللتم تابعيكم ، فلم يأت مسيحنا لهذا الغرض ، وحتى ما كتبه تلاميذه  لم يكن بأمر مباشر منه بل بأرشاد الروح القدس لأجل مجرد التعريف به وليس لشرح ناموس قد قام بتسجيل ذلك الهدف فى يوحنا 20 : 30 ، 31 وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ."
ويعود يكررها فى يوحنا 21 : 24 ، 25 "24هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ. 25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ."
 أن كنتم تريدون البحث عن مشرع ..........فأذهبوا لعلماء القانون  ، أن كنتم تريدون أن تبحثوا عن طبيب.......... فاذهبوا للأطباء ، أن كنتم تبحثون عن سياسة الحكم ......فاذهبوا ألى علماء السياسة ، أن كنتم تريدون أستراتيجية للنهوض بالمجتمع ...........فاذهبوا لعلماء الأجتماع  ، أما المسيح فلم يأت لهذه الأغراض التى تريدونها .
ولذلك عندما تأتون للمسيح فاعلموا أنكم تأتون لمن جاء ليحرركم من عبودية الفكر الأنسانى المتخلف ، ومن خطايا أفكاركم وخطايا أفعالكم فقد جاء لفدائكم ، والفداء يغيركم ويحرركم ، ىوفتح أذهانكم فتعرفوا وتدركوا أرادته ، ولا تحتاجون مثل العميان لمن يقودكم .
فمع أنه يستطيع أن يفعل كل هذه الأمور التى تريدونها ، ألا أنه لن يستجيب لكم لأنكم شوهتم صورته ، وجعلتم منه ألهآ متدنى يهتم بالجنس والأكل والمناورة .
فتوبوا عن شركم .
د. ق. جوزيف المنشاوى