الجمعة، 5 أكتوبر 2018

الوثنية المعاصرة


يظن القارىء لهذا العنوان أننى أريد أن أتحدث عن صور وتمائيل وغيرها من وسائل مادية كــــــــان يوظفها الإنسان فى عصور الظلام لتكون آلهة يعبدها الناس أو يعبدون ما تمثله تلك الصور والأصنام ، لكننى لا أقصد ذلك مطلقآ .
الوثنية التى أتحدث عنها هى محاولة البشر لتصور الله الذى يعبدونه وفق تطلعاتهم وأهوائهم .
وأحيانآ نفاجىء بشخص بسيط ضاع منه شىء فيسألنا الصلاة لنعرف من الله أين ضاع هذا الشىء وكأن خادم الله قد تحول إلى عراف أو كاشف للغيب لأن الله فى تصوره هو ذلك الكيان الذى يصنع المعجزات التى تروق له شخصيآ وتتفق مع أهوائه ، نعم يصنع الله معجزات ولكن وفق منهجه وليس وفقآ لمنهج البشر.
وإذا غضبوا من إنسان يتصورون الله الذى يرسمونه فى خيالهم أنه مكلف بواسطتهم لينتقم من هذا الشخص فالله فى أذهانهم هو الإله الذى قاموا بتشكيله وفق أهوائهم تمامآ كما كان يفعل النحاتون بالحجارة فى العصور الغابرة ليحولوها إلى آلهة وهمية يخدعون بها البسطاء .تطلبون ولستم تجدون لأنكم تطلبون رديآ لتنفقوا فى شهواتكم .والأدهى من ذلك أنهم قد يلجأون لرجال الله بجهل يسألونهم العون حتى يحقق الله (الخاص بهم والذى رسموه فى خيالهم ) حتى يحقق ذلك الإله أمانيهم . وكأنه إله ملاكى مطلوب منه أن يحبهم وطلوب منه أيضآ أن يكره من يكرهونهم.
إن لكل وثنى معاصر إلهآ خاصآ به مجهزآ بالمواصفات التى تلائم ما يتمناه هذا الشخص الوثنى المعاصر من إلهه .
أما الله (الحقيقى) فهو الذى أعلن لنا ذاته من خلال الوحى .
فإذا كانت مواصفاته لا تناسبك فاعرف أن الله وحده فقط هو الذى يعلن تلك المواصفات حتى لو كانت تلك المواصفات تختلف عن تصوراتك أو منطقك المحدود لأنك مجرد مخلوق يعبر عن إيمانه بتصديق ما أعلنه الله عن ذاته وليس كل ما أعلنه لنا قابل للحليل البشرى المحدود . د.ق جوزيف المنشاوى