الأحد، 30 ديسمبر 2012

الميلاد حدث أسمى من منطق البشر

فيديو  إنجليزى we wish you a Merry Christmas  

الميلاد حدث عجيب وفقآ لمنطق الإنسان ، فقد تعود الإنسان توقع ولادة الأطفال من المرأة التى تزوجت أو تعاملت مع الرجل ، لأن المولود لا يمكن أن يولد بدون إتحاد إرادة المرأة مع إرادة الرجل ، لذلك كان أول من إلتفت لغرابة واقعة الميلاد العذراء القديسة مريم ذاتها ، عندما بشرها بالميلاد "جبرائيل" الملاك المُرسل من عند الله ، فها هى تقول له:«كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»
فيجيبها :
اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ
إنه إذآ حدث فريد عجيب فوق منطق البشر ، لكن الله عودنا من خلال تعامله مع شعبه - عبر التاريخ الطويل من معاملاته مع الإنسان - بداية من خليقته وحتى يومنا هذا ، أنَّه يقوم بعمل عجيب عظيم دائمآ فى نفس الوقت الذى يعجز فيه منطقنا وفهمنا وإدراكنا على فهم طبيعة ما يعمله الله .
فلم تكن خليقة الإنسان الأول من التراب خاضعة لفهم أو منطق الإنسان .
ولم تكن هداية إبراهيم النبى جَدُّ الأنبياء من الأمور العاديه.
ولا كان يوسف فى الجُبِّ ثم فى السجن نتيجة منطقية لسلوكه.
ولا كان الشعب المستعبد تحت سلطة فرعون قاسى لها مبررات وربما كان بعضهم يتسائل لماذا سمح الله بكل هذا لشعبه.
لكن الله كان جديرآ بتشكيل آدم كمخلوق عاقل ، وكان خليلآ لإبراهيم ، وكان واهبآ ليوسف مكانة سامية ، لم يكن أحد من البشر يظنها غيره ، وكان خروج الشعب عبر بحر سوف ( الأحمر حاليآ) ، وكانت عبوديتهم وتسخيرهم فى صناعة الطوب اللبن سببآ لرقيهم لبناء حضارة لم يكن أجدادهم وآبائهم مؤهلين لها ، فقد كانوا يسكنون الخيام ، ولكن بعد العبودية تعلموا فنون البناء بل وكتابة لغتهم بخط بدائى ( بروتو كنعانى) بدلآ من كون لغة أسلافهم لغة منطوقة غير مكتوبه ، فكتب موسى بتلك الأحرف التوراة وتعلم كل حكمة المصريين .
هناك إذآ عمل إلهى عظيم يكمن وراء تلك الأمور التى لا يستطيع البشر إخضاعها لمنطقهم .
ولد المسيح بعد أن صار التاريخ مهيئآ للحظة ميلاده فالإستعمار الرومانى الذى لم ترغبه الشعوب بدأ بواسطة الإسكندر وخلفائه البطالمة والسلوقيين ، فى محاولة دمج ثقافات الشعوب الشرقية مع الحضارة اليونانية الغربية ، فتكونت اللغة الهيلينستية التى تمت ترجمة نبوات الأنبياء فى العهد القديم والتوراة إليها ، فكانت الترجمة السبعينية التى صارت مرجعآ لكل مثقفى العالم القديم عند محاولة تفهم جذور النبوات بخصوص ميلاد المسيح ، وصارت هذه اللغة فى ذات الوقت وسيلة يستخدمها كتبة الإنجيل وكل العهد الجديد بلغة يسهل تداولها فى كل أرجاء الإمبراطوريه ، وعزز الرومان حماية الطرق التى تؤدى لكافة البلاد لتأمين نقل الحاميات الرومانية من جند وعتاد فكانت طرقآ مؤهلة لإنتقال المبشرين بالمسيحية من بعد ، أولئك الذين لا يحملون سيفآ ولا سلاحآ بل خدمتهم أحداث التاريخ التى كان البشر لا يفضلونها ، وكانت لا تخضع لمنطق أهوائهم .
وكان الصراع الفكرى بين فرق اليهود وطوائفهم من فريسيين وهيروديسيين وصدوقيين وكتبة يعبر عن وصول الفكر اليهودى لمرحلة الحيرة والإرتباك والتشكك الذى أدى بهذه الفرق للتناحر ، كما أضافت الثقافة الهيلينيستية بما فيها من دمج للثقافات الشرقية كالبودية والكونفوشيوسية والزرادشتيه وغيرها مع الفكر اليهودى لينجم عنها جماعات تعتزل المجتمع وتسكن الصحارى كجماعة الأسينيين وغيرها ، ودخول معتقدات جديدة لفكر المجتمع اليهودى مثل عقيدة معمودية التوبة التى نادى بها يوحنا المعمدان وصارت من أهم الأسس فى الفكر المسيحى من بعد ، وكان المجتمع فى لهفة وسط حيرته وإرتباكه لوجود شخصية تضع النبوات التى بدأ فى التشكك منها فى إطارها السليم ، كانت شخصية المسيا الذى حدثتهم عنه النبوات ، فأين هو ؟.
كل تلك المقدمات التى كان يرفضها منطق المواطن اليهودى كان من ورائها عزم الله على تنفيذ خطته من خلال ميلاد المسيح.
ليس ذلك فقط بل نرى فى حادثة الميلاد عند حدوثها كثير من الأمور العجيبه
فها هو النجم الذى يقود المجوس !.
والمجوس هم من أتباع زرادشت !، فكيف تحولوا فجاءة لأول جماعة تبشر وتعلن ميلاد المسيح! ، ووصل تبشيرهم هذا إلى قصر هيرودس الملك الأدومى الذى كان يحكم اليهود بسلطة روما عندما ذهبوا إليه متسائلين 
:«أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ»ومن خلال ذلك السؤال جمع هيرودس حكماء البلاد وحفظة الناموس وكتب الأنبياء ليحيل لهم هذا السؤال فأجابوه :«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».
فحتى إجابتهم أفصحت عن نفس الغرابة التى يتبعها الله فوق منطق الإنسان لتنفيذ خطته بهذا العمل الفذ فبيت لحم قرية صغيرة وليست من الحواضر أو المدن الكبرى حيث يسكن الأغنياء والأقوياء فى تلك المدن الكبرى! .
والشىء الغريب الآخر الذى حدث فى القصر الهيرودسى بسبب  الميلاد هو خوف هيرودس الملك وكل أورشليم حاضرة أو عاصمة البلاد فى ذلك الوقت من الطفل الوليد!   
 فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ.
والأمر الغريب كذلك أن يواصل هؤلاء الرجال الأثرياء الذين عبرت هداياهم عن مقامهم إلى الطفل فى المزود وهو حجرة الخزين أو مخزن المواد التموينية فى بيت أسرة يوسف النجار! وعندما يصلون إلى هناك يسجدون له! ويقدمون له هداياهم بنفس البروتوكول الذى كان الزوار يتبعونه عند زيارة الملوك! 
وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا.
والشىء الغريب كذلك كان إختيار الملائكة لنفر من البسطاء الذين يمتهنون مهنة الرعى ليبشرونهم بمولد المسيح ويرشدونهم لمكان مولده ! حتى يكونوا كذلك مثل الأغنياء الغرباء الذين سبقت وفادتهم له وزيارته 
وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ.فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ.
ميلاد عجيب حتى فى توقيته وكل الأحداث المصاحبة له والمكان المختار لحدوثه والأشخاص الذين تعاملوا معه .
وهكذا يكون عجيبآ فقد تنبأ عنه النبى إشعياء 
لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا.
وليست غرابة أحداث هذه الأيام التى نحياها فى بلادنا بعيدة عن توقعنا لعمل عجيب يصنعه الله يفوق كل تطلعاتنا .
كل عام وحضراتكم بخير 
د.ق. جوزيف 
المنشاوى  

الثلاثاء، 15 مايو 2012

الروح القدس


الروح القدس معنى الكلمه
الأصل العبرانى للكلمة هو רוּחַ קָדְשׁ ( رُواح قَديش )
والتعبير 
רוּחַ يمكن ترجمته هواء - نسيم - نَفَس - روح - نفس - عقل
وأما الأصل اليونانى هو 
τοῦ ἁγίου πνεύματος ( توه أجيو بنيوماتوس )
والتعبير 
πνεύματος
يمكن ترجمته هواء - نَفَس - روح - جوهر مبدأ عقلى 
والأرتباط بين معنى تعبير روح والتعبير العربى ريح لأن أصل الكلمتين هو واحد

الروح والأسماء المضافة له
إستخدم الكتاب المقدس فى عهديه القديم والجديد عدة أسماء كانت تضاف لكلمة روح بشكل عام وليس المقصود بها الروح القدس لكن الروح بمعنى الجوهر العقلى لمبدأ معين لتمييز دوره أو إبراز وظيفته مثال :- 
روح العر افه ( أعمال ١٦ : ١٦  )
روح الضلال ( يوحنا الأولى  ٤ : ٦  ، تيموثاوس الأولى٤ : ١ ) 
روح ضد المسيح ( يوحنا الأولى٤ : ٣  ) 
روح منكسره ( مزمور ٥١ : ١٧  ) 
روح الفشل تيموثاوس الثانية١ : ٧ ) 
روح سبات ( روميه ١١ : ٨ )
روح العبودية ( روميه ٨ : ١٥ )  

روح الملائكة " سواء الملائكة الأبرار أو الأشرار " ( عبرانيين ١ : ١٤ ، مزمور ١٠٤ : ٤ ، مرقس٨ : ٢ وأعمال ١٩ : ١٢) 

الروح القدس والأسماء المضافة له
روح الله ( تكوين١ : ٢)
روحه أو روحى ( والضمير المتصل يعود على الله ) ( سفر العدد١١ : ١٧ ، ٢٥ إشعياء ٤٤ : ٣ ، زكريا ٤ : ٦  )
روح قدسه 
(  إشعياء ٦٣ : ١٠) 

الروح القدس ( أعمال ١ : ٨  ) 
روح الموعد القدوس ( أفسس ١ : ١٣) 
روح الحياة ( روميه٨ : ٢ ) 
روح المسيح ( روميه ٨ : ٩ ) 
روح التبنى ( روميه٨ : ١٥  ) 
الروح المعزى " روح الحق " ( يوحنا ١٤ : ٢٦  ) 

جوهره ( أصله وطبيعة تكوينه )
بكلمة واحده هى الـــــلــــــه
فهو الله المحيى كما يقول قانون الإيمان النيقاوى ، هو الله العامل فى العالم من نشأة الخليقة وقبلها أى منذ الأزل وحتى الآن وإلى الأبد 
كان فى الآب وقت الخليقة فعالآ يثبت وجود الله فى الكون بجملته وظل يقود رجال الله ويتحكم فيهم ليخبروا الناس بوصاياه وكان فى المسيح بحسب الجسد سببآ لولادته ووجوده الجسدى كله حيث يقول عنه الكتاب قبل ولادة المسيح  ( لوقا١ : ٣٥ ) " 
5فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. " .بل كانت كل حياته إنعكاسآ ملموسآ لفاعلية هذا الروح  ( كولوسى  ١ : ١٩ ) " لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ. وأعلن المسيح عن فكره عندما قال فى لوقا٤: ١٧ - ١٩  مكررآ نبوة النبى إشعياء عنه " 17فَدُفِعَ إِلَيْهِ سِفْرُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ. وَلَمَّا فَتَحَ السِّفْرَ وَجَدَ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ مَكْتُوبًا فِيهِ: 18«رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، 19وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ».فكل ذلك العمل منسوب سببه لروح الرب  الذى ميزه عن باقى البشر بكونه يملك كل الملء ملء الروح القدس فى كيانه تمامآ ، فهو :-
مسيح الله يبشر المساكين بقوة فاعلية هذا الروح فيه
يشفى منكسرى القلوب به
له سلطان لتحير أسرى الخطية
وأسرى العمى
وإعطاء صورة صادقة كاملة لفكر الله
ونادى بأن الله روح فى يوحنا ٤: ٢٤ " 
 24اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». 

أفكار بشرية وهرطقات حول الروح القدس 
أنكر مكدونيوس أقنومية الروح القدس بناء على عدم ذكر ذلك فى قانون مجمع نيقية  " بالحقيقة نؤمن بالله الآب ضابط الكل .....ألخ وبالإبن الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق .....ألخ
فانعقد مجمع القسطنطينية ٣٨١ م فأضاف " نعم نؤمن  بالروح القدس الرب المحيى المنبثق من الأب .
ثم أضيف التعبير من الآب والإبن فى مجمع توليدو٥٨٩ م بعد الإنشقاق الذى حدث فى مجمع خلقدونيه 
وقد ثار جدل كبير فى الكنيسة المسيحية بداية من القرن العشرين بسبب إنتشار الدراسات التى فتحت أذهان الباحثين بخصوص أقوال الآباء على مر القرون حول الروح القدس والجدير بالذكر أن أقوال هؤلاء ليست وحيآ إلهيآ ثابتآ بل لا تخلو فى كثير من المرات من مؤثرات بشرية تأثروا بها من خلال الفكر الفلسفى الذى كان منتشرآ فى مجتمعاتهم التى كانت تحتوى على العديد من الأفكار اللاهوتية لمختلف المدارس الفلسفية ، فاختلطت الفلسفة بالدين ونقلها آباء الكنيسة للكنيسة ، وكانت تلك الأفكار الدخيلة لا تستمر فى الكنيسة بل تأخذ فترة من الزمان ثم تتلاشى وتعود الكنيسة لبساطتها الأولى .
لكن الثورة الإعلامية التى حدثت فى القرن العشرين مكنت الكثيرين من رجال الفكر للعودة لتراث نسته الكنيسة لآباءها بعض هذه الأقوال كان من شأنها تدعيم الفكر التقليدى ( سواء كان هذا التوجه ينتمى لجوهر الفكر المسيحى عند الرب يسوع وأتباعه أو كان دخيل على هذا الفكر ووجد له مكانآ فى قلوب رجال الكنيسة ) ، إلى جانب أفكار أخرى تعتبر ناقدة للأفكار التى تتبناها الكنيسة التقليدية ( سواء لأن هذه الأفكار تنتمى للأصول الفكرية للمسيحية أو التى كانت ناشئة عن هرطقات ) ، وصارت الكنيسة بذلك تواجه تحديات ، تتطلب من القائمين عليها أن يقوموا بعمليات للتصحيح والغربلة التى لا تخلو من مخاطر ومشاحنات .

النفخة التى أخرجها رب المجد للتلاميذ
للتعبير عن روحه ( الروح القدس )

فى يوحنا 20 : 22 "  وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ:«اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ."
لقد اتفقنا منذ البداية على أن علاقة الرب يسوع بالروح اللقدس هى علاقة خاصة جدآ
١ - غيرمماثلة من حيث ملء الروح القدس له عن أى حالة من حالات البشر التى تسعى للملء ( راجع كولوسى ١ : ١٩ )
٢- ولا توجد علاقة إنسانية بالروح القدس تماثل علاقة الرب يسوع بالروح القدس ، سواء من قبل الولادة أوبالتملك الكلى فى كا ما يقوم به من أعمال تختص بملكوت الله كما تنبأ عنه النبى إشعياء فى إشعياء ٦١ : ١ - ٣  " 1رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ. 2لأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ، وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا. لأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ. 3لأَجْعَلَ لِنَائِحِي صِهْيَوْنَ، لأُعْطِيَهُمْ جَمَالاً عِوَضًا عَنِ الرَّمَادِ، وَدُهْنَ فَرَحٍ عِوَضًا عَنِ النَّوْحِ، وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ عِوَضًا عَنِ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ، فَيُدْعَوْنَ أَشْجَارَ الْبِرِّ، غَرْسَ الرَّبِّ لِلتَّمْجِيد " والتى  أكدها المسيح بنفسه فى لوقا ٤ : ١٧ - ١٩
٣- من بين الألقاب التى أُطلِقَت على الروح القدس ،  اللقب الذى أطلق على روح المسيح نفسه فى روميه ٨ : ٩ " 
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ." .
لدرجة أن الإيمان ذاته عندما يسكن فى قلوب المؤمنين يتم التعبير عنه بسكنى روح المسيح فى المؤمنين أو الروح القدس كما فى روميه ٨ : ١٠ " وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ.".
وواضح أن هناك فارق بين مانح الروح ( المسيح ) والممنوحة له الروح ( المؤمنين )

٤- لم يحدث أن حاول أحد من التلاميذ أو المؤمنين أن حاول أن يدَّعى أنه قادر على منح الروح لأحد ، لا بالجدال الفكرى ولا بالنفخة ولا حتى بوضع اليد
مع أنهم وضعوا أياديهم وقت الصلاة لأجل أن يقبل الله أن يمنح بعض الناس الروح القدس فالقوة كانت فى إستجابة الله لهذه الصلاة وليست فى أى عمل قاموا به لأنهم ليسوا هم المانحون ولأن الروح القدس هو عطية من الله وليس من البشر راجع أعمال ٨ : ١٧ "
 17حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ." ٥ - التعليم الكتابى يصرح بوضوح أن عطية الروح القدس تتوقف على رغبة الله فى منحه وليست رغبة البشر راجع كورنثوس الأولى ١٢ : ١١ " وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ." .
روميه ١٢ : ٣ " 
فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي، لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ، كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ الإِيمَانِ."
٥-كانت الفخة التى من فم رب المجد هى روح المسيح أى الروح القدس لكن هذه النفخة لك يكن المقصود بها أن تسكن فيهم بل هى رمز لحدث آت يذكرهم به ألا وهو حلول الروح القدس عليهم ، فهو قد أوصاهم من قبل ألا يبرحوا أورشليح حتى ينالوا الروح القدس ، فالروح القدس هو روح المسيح الذى يبقى فى الكنيسة ( راجع أعمال ١ : ٤ : ٨ " 
وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، 5لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ». 6أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ:«يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» 7فَقَالَ لَهُمْ:«لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، 8لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».
إنه الوجود المستمر لروحه الذى كان يعمل للأستنارة لمن ىدعاهم ويعرفهم ليقبلوا كلمته لأنه لا يستطيع أحد أن يأتى إليه ويؤمن به ما لم يكن هو الذى أعطاه أن يكون له هذا اليقين لذلك فقد سبق أن وعدهم بحلول الروح القدس روح الله روح الآب روح التبنى .......إلى آخر هذه المسميات فى يوحنا ١٦ : ٦ - ٨ " 
6
لكِنْ لأَنِّي قُلْتُ لَكُمْ هذَا قَدْ مَلأَ الْحُزْنُ قُلُوبَكُمْ. 7لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ:" لذلك فقد كان حلول الروح القدس هو الحدث الحقيقى الذى كان مرموز له بالنفخة ومتى حلَّ الحدث بطُل الرمز لذلك فإنى أقول لكل من ينفخ ليوهم الناس أنه يمنح الروح القدس :- 
إنك تظن أنك مثل المسيح الذى حل فيه ملء الروح جسديآ وهذا غير صحيح 
وتظن أن الهواء الخارج من فمك هو روح المسيح أو الروح القدس وذلك ليس صحيح فهو مع أقصى درجات التسامح هواء زفير صادر عن بشر فهو روح أو ريح بشرى نخشى أن يكون روح ضلال أو روح سبات أو روح عرافة ( وراجع الأسماء الأخرى التى تضاف لكلمة روح بخلاف روح الله الروح القدس ) . 
آراء غريبة أخرى حول الروح القدس
يتبع 

كشف أثرى جديد بخصوص قيامة المسيح "لوح حجرى يرجع للقرن السابق على الميلاد"


من إيثان برونرتاريخ النشر: 6 يوليو 2008القدس 
- تم العثور على لوح حجرى طوله  ثلاثة أقدام به 87 سطر مخطوط مكتوب  بالعبرانية ويعتقد العلماء أنه يرجع للمدة السابقة مباشرة لولادة السيد المسيح .
 وقد أدى إلى حدوث ضجة في الأوساط التى تهتم بالعلوم الكتابية والأثرية، لا سيما وأنه قد تحدث عن المسيا الذي سيقوم من بين الأموات بعد ثلاثة أيام.
دومينيك بوتنر لصحيفة نيويورك تايمز
عندما إشترى " ديفيد جيسلسوهن
David Jeselsohn" هذا اللوح الحجرى القديم، كان لا يعلم  أهميته. ولكنه ظن أنه مجرد وصف يهودي مسيانى كان سائدآ  فى هذه الفترة ، إلا أنه من المتوقَع أن يسهم هذا اللوح في إعادة تقييم هذه الأحداث سواء لوجهة نظر الناس  أوالعلماء  ، اليهود منهم أو المسيحيين على حدِ سواء عن يسوع ، لأنه يذكر قصة موته وقيامته ، وبذلك لم تصبح تلك الرواية المذكورة فى الأناجيل  قصة جديدة أو فريدة فى نوعها ،  وإنما صارت جزءَ من التقاليد اليهودية التى كان معترفآ بها في ذلك الوقت .
 وجد هذا اللوح على الأرجح بالقرب من البحر الميت في الأردن ، ووفقا لبعض العلماء الذين عاينوه ودرسوه، يصفونه بأنه نموذجآ نادرآ مصنوعآ من حجر تمت الكتابة عليه بالحبر الذى كان مستخدمآ فى تلك الحقبة - وهو نفس مادة الحبر التى تم إستخدامها فى مخطوطات البحر الميت ، ولكنها مكتوبة هذه المرة على الحجر.
هى كتابة ، بدون حفر منتظمة فى عمودين منتظمين، على غرار الأعمدة التى تنقسم إليها صفحات  التوراة .
 ولكن الحجر كان قد تعرّض للكسِر، وتُمِصَت بعضآ من كلماته الموجودة فى نصه، مما يعنى أنه لا يزال هناك مجالآ مفتوحآ للجدل حول تلك الكلمات .
كما تم التأكد من صحته على نحو أكيد ، فالوارد فيه يساعدنا على فهم جذور المسيحية أثناء تلك الأزمة السياسية المدمرة التى واجهها اليهود في ذلك الوقت مما يزيد من أهميته .
وقال "دانييل بويارين
Daniel Boyarin"، أستاذ علم دراسات التلمود في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن هذا اللوح الحجرى هو جزء من مجموعة تمدنا بالمزيد من الأدلة لفهم الوحي  ، كما تمكننا من الفهم الأفضل ليسوع ، من خلال القراءة الدقيقة لتاريخ اليهود في عصره .
"قد يُسبب دراسة هذا اللوح نوعآ من الصدمة لبعض المسيحيين ، ربما  - لأن فيه ما يمثل تحديآ لبعض مكونات علم اللاهوت - ولكن فى الوقت ذاته سوف يؤدى هذا الكشف للشعور بالراحة لدى الناس العاديين ، لأن هذه الكتابات تُشَّكِلُ إنعكاسآ للفكر اليهودى التقليدي الذى كان منتشرآ فى ذلك الحين ".
إنَّ كافة القطع الأثرية التى تنتمى لهذه الفترة من كتابات يهودية بخصوص المسيا ، تنعكس أهميتها على عامة الناس ، وعلى أهل العلم فى المجتمع على حد سواء ، وتتعدد وتتعارض فى نفس الوقت آراء العلماء ، التى بحكم طبيعتها تثير بعض القلق حول إمكانية عدم مصداقية المحتويات الفكرية التى يحتويها هذا المخطوط أوإحتمال تزويره لأفكار كانت مطروحة فى زمانه  أو إحتمال عدم وجود أهمية تاريخية له ، وسوف يمضى  بعض الوقت - كما هو مُرَجَح - قبل أن تتمكن الدراسة  من تقييم هذا اللوح ، لكى يكون من المُحتَمل إسهامه فى إلقاء مزيد من الضوء  على تلك الفترة .
 فبعد مرور فترة بلغت حوالى   60 عاما بعد إكتشاف مخطوطات البحر الميت، وكانت هذه المدة من السنوات حافلة بالجدل ، الذى لا يزال قائمآ حتى الآن حول تلك المخطوطات  ومؤلفيها ، ومعانى محتوياتها .
وكانت عبارة عن مخطوطات وثائقية تم العثور عليها على هيئة لفائف،  في كهوف وادى قمران على الضفة الغربية للأردن ، وكانت تحتوي على بعض من المخطوطات - التى تمكنت من الإحتفاظ بسلامتها وصلاحيتها - على نسخ من الكتاب المقدس الذى تمت كتابته قبل القرن الأول الميلادي ، وقد إقتبست الكتب الرئيسية  الشائعة فى تلك الفترة والتى كانت من ضمن هذه المخطوطات من الكتب الرئيسية الموجودة في الكتاب المقدس ،  تلك المجموعة من اللفائف كانت تصف ألوانآ من  الممارسات وأنواعآ من المعتقدات لطائفة يهودية كانت معاصرة  ليسوع  ( تعليق للمعرب : هذه الطائفة كان إسمها الأسينين وهم يسكنون الصحراء فى مجتمع قريب من فكرة الرهبنة التى عرفها البوذيون فى بلاد الشرق ، وقد توصل الباحثون للتأكيد بأن مخطوطات البحر الميت كانت تخصهم ) .
وبذلك أعطتنا وصفآ لحالة ذلك المجتمع فى هذه الفترة من الزمان - وكانت حالته قيد الجدل حتى اليوم - فعلى سبيل المثال، فهناك سؤال يطرح نفسه وهو: هل كان الكاتب أو الكُتَّاب لذلك اللوح من بين  أعضاء نفس الطائفة أو الرهبنة التى قامت من قبل بكتابة مخطوطات وادى قمران ؟ ؟ 
لقد تم عقد مؤتمر بمناسبة مرور 60 عاما على اكتشاف مخطوطات وادى قمران  يوم الاحد الماضى في متحف اسرائيل في القدس، حيث تم عرض هذا اللوح الحجرى، وثار الجدل حول ما ذكره من قيامة للمسيح فى رأى أى باحث ناقد من المهتمين بتقييم الأثر ، وسوف يستمر هذا الجدل .
 فهذا اللوح الحجرى لم يتم إكتشافه حديثآ بل تم كشفه منذ حوالى عقد من الزمان وقد اشتراه أحد علماء الآثار من  تاجر أردنى للآثار ، وكان هذا العالم بالطبع من هواة جمع الأثار ، وهو من الاسرائيليين المقيمين بسويسرا ثم وضعه في منزله بزيوريخ .
 ولكنه بدأ فى الإهتمام  بفحصه بوصفه  باحثآ ، لهذا الأثر الموجود لديه عن كثب  منذ سنوات قليلة ، فكتب بحثآ فيه العام الماضي ، مما جذب أنظار بعض المهتمين بهذا النوع من الأبحاث إهتمامآ عالميآ ، حتى أصبح هناك الآن سلسلة من المقالات العلمية بخصوص ما هو مدون على الحجر، من المنتظر  أن تصدر منشورة في الأشهر المقبلة .
 ويقول " ديقيد جيسيلسوهن  
David Jeselsohn " وهو المالك لهذا الأثر "لم أتمكن من عمل شىء أكثرمما فعلته حتى الآن  منذ أن حصلت عليه" . " لم أكن أدرك مدى أهميته لهذه الدرجة حتى عرضته على " أدا ياردينى  Ada Yardeni"  وهى متخصصة فى  خطوط الكتابة العبرية، منذ بضع سنوات وهى التى قررت ما أسرت به إلىّ بقولها : " لقد حصلت على محتويات أغلب مخطوطات البحر الميت وهى مدونة على هذا الحجر،" ، بالإضافة لإحدى الرؤى  لنهاية العالم  المنسوبة للملاك جبرائيل بالإعتماد على نبوات العهد القديم لا سيما فى كتب  الأنبياءء دانيال، زكريا وحجي .
ولقد شاركت "السيدة ياردينى "العالم "بنيامين اليتسور" فى تحليل محتويات المكتوب على هذا الحجر ،  فقد كان خبيرآ في خطوط الكتابة العبرية، فأرجع تلك الخطوط للغة العبرانية التى كانت تكتب بهذا الشكل في عهد الملك هيرودس، والذي توفي عام  4 قبل الميلاد .
وقد نشر كليهما تحليله بخصوص تلك اللغة العبرية بما تتميز به من مواصفات فى علم  للتاريخ وعلم الآثار الإسرائيلية ، وكان   تحليلهما عبارة عن تحليلين طويلين بخصوص ذلك اللوح  الحجرى منذ أكثر من سنة مضت في "كاثدرا
Cathedra"، وقد توصلا لأن شكل الكتابة واللغة، والنص  يجعلها تؤرخ  بالقرن الأول قبل الميلاد في وقت متأخر وتحتوى على جدل قديم حول قيامة المسيا من الموت ، وقد تم عمل  فحص كيميائي بواسطة "يوفال غورين"، وهو أستاذ في علم الآثار في جامعة تل أبيب ومن المتخصصين في التحقق من التحف القديمة، وقام بنشر نتيجة تفاصيل فحصه فى  مجلة مراجعة البحوث " Peer review Journal ".
 وقال انه لا يوجد لديه أى سبب يدعو للشك في صحة أهمية هذا اللوح الحجرى أثريآ .
وكان في " كاثدرا
Cathedra" السيد  "إسرائيل كنوهل Israel Knohl " ، وهو أستاذ ناقد بدراسات الكتاب المقدس بالجامعة العبرية في القدس، وهو يقول " إننى سمعت لأول مرة عن اللوح الحجرى من السيدة ياردينى والسيد اليتسور  وهو الذى سمى هذا اللوح  باسم "رؤيا جبرائيل"، والسيد "كنوهل Knohl" هو صاحب هذه الفكرة فى تسميته بهذا الإسم ، عند حديثه عن هذا اللوح  في كتابه الذى  نشره في عام 2000 ، وقد أثبت بذلك أن  فكرة معاناة المسيا كانت مطروحة فى الفكر اليهودى قبل المسيح نفسه ، وتنتمى هذه الكتابات لنوع الأدب الربانى الخاص بالكتبة الربيين تعود لزمن مبكر ، مثلها مثل  مخطوطات البحر الميت. ولكن لم تؤثر نظريته فى علماء الكرستولوجيا ، ولم تلفت أنظارهم ، على النحو الذى كان يأمله ، ويرجع ذلك جزئيا انه ليس لديه أدلة من النصوص المذكورة قبل السيد المسيح .
ويقول عندما قرأت "رؤيا جبرائيل"، ، إعتقدت انه لا توجد هناك حاجة لنصوص مثل تلك لكى تدعم نظريته، وبذلك نشر وجهة نظره هذه في العدد الأخير من مجلة الدين "  
The Journal of Religion  " .
إنَّ محاولات السيد كنوهل
Knohl هى جزء من حركة علمية واسعة ، تركز على دراسة المناخ السياسي الذى كان سائدآ في أيام يسوع ، حتى تصل من خلاله لأهمية تفسير النصوص من خلال إدراك روح هذا العصر المسياني .
 فقد كان التمرد اليهودى الذى حدث بعد وفاة هيرودس ، حيث كانوا يسعون للتخلص من نير الإمبراطورية الرومانية التى كان يدعمها هذا الملك ، وهكذا كان بوفاة هيرودس أن تزايد الأمل فى نفوس اليهود للوصول إلى حلمهم فى الإستقلال لتحقيق الحلم المسيانى .
ويشرح السيد "كنوهل " مستعينآ بما هو مكتوب على هذا الحجر ، كيف تمكن اليهود من رسم صورة تجسد شكل المسيا ، ليكون رجلا يدعى " سمعان
Simon " وهو من تم قتله على يد قائد من قواد جيش "هيرودس"، وفقا ل "يوسيفوس  Josephus" ، المؤرخ الذى عاش في القرن الأول الميلادى .
فربما كان الكاتب لهذا اللوح ينتمى لأتباع سمعان هذا ، والسيد" كنوهل" يرى أن الكاتب يظن أن مقتل "سمعان" ( المعرب للتوضيح : هو سمعان المكابى الذى خاض مع المكابيين حروبآ مع الرومان المستعمرين ) كان يرمز لحالة من حالات معاناة المسيا للألم ، باعتبار تلك المعاناة من بين  الخطوات الضرورية لتحقيق الخلاص للوطن ،ويستدل بذلك بما ورد فى السطور 19 وحتى 21 من المكتوب على هذا اللوح -
حيث يقول  " في ثلاثة أيام سوف يعرف هذا الشر هزيمته بواسطة العدالة "- والسطور الأخرى التي تتحدث عن الدم والذبح الذى يؤدى لتحقيق العدالة فى النهاية  .وحتى يرفع السيد "كنوهل"  من أهمية ما هو مدون على هذا اللوح  ، فإنه يركز على ما ورد فى السطر ال 80، حيث يبدأ بوضوح بعبارة
ל. של.שית ימינ "L'shloshet " ( أى  )  ثلاثة أيام.
 ولكن الكلمة التالية خطها لم تتمكن قرائتها السيدة ياردينى والسيد اليتسور ،  ولكن السيد "كنوهل"، وهو خبير في لغة الكتاب المقدس والتلمود، يقول بأنها من المحتم تكون  الكلمة هى "
ה יה " " hayeh"، أو "حياه" . ولكن الهجاء غير عادي بالنسبة للعبرانية الحديثة ، بينما كان هذا الهجاء متناسبآ مع ما تعود عليه الذين كتبوا فى هذا العصر ، وهاتين هما أصعب كلمتين فى قرائتهما فى هذا النص .
 ويقول السيد "كنوهل" إنه إستطاع فك رموز هذه الكلمات ، فالسطر الذى يليه يقول : "في ثلاثة أيام يجب عليك أن تحيا، أنا، جبرائيل، الذى أأمر".
ومن بين تلك الكلمات الصعبة فى قرائتها "  من هو رئيس الملائكة الناطقة ؟ "   افيأتى فى السطر التالي قوله : "ها تسارين  
hasarin"، أى أمير الأمراء أو الأمير الأعظم .
ويعتبر كتاب دانيال، هو أحد أهم المصادر التى تحدثت عن الملاك "جبرائيل" ، فهو إذآ  "أمير الأمراء" المقصود أو المُشار إليه ، ويقول السيد "كنوهل"  إن تلك الكلمات المدونة على اللوح الحجرى ، تتحدث عن وفاة زعيم من اليهود  ولكنه سيقوم من الأموات بعد ثلاثة أيام .
كما يقول أيضا أن هناك إختلاف كبير بين وصف معاناة المسيا لللآم  التى عرفها اليهود فى ثقافتهم الكتابية وبين تلك المعاناة التى ترسمها هذه الكلمات للمسيا بوصفه سليلآ قويآ لداود الملك " . 
وهذا هو سر إختلاف وجهة نظر اليهود الأساسية فيما قبله المسيحيون عن المسيا بوصفه يسوع ، ويقول انه بينما يجلس هو في مكتبه في معهد "شالوم هارتمان" في القدس فهناك زميل أقدم منه ، هو "يحزقيل كوفمان"  أستاذ دراسات الكتاب المقدس في الجامعة العبرية وهو يتفق معه أن العقيدة بشأن القيامة بعد ثلاثة أيام من الموت كانت قد أُرسيت فى تلك الفترة قبل ميلاد المسيح . وهو يناقض ما وصلت إليه خلاصة كل المنح الدراسية التى قاموا بمناقشتها من قبل بخصوص العهد الجديد  تقريبا . فما تبناه السيد المسيح وأتباعه كان له أصول وأسس سبق إرساؤها ".
 وتقول السيدة ياردينى  أنها قد أُعجِبَت بهذه  القراءة واعتبرتها بالفعل من أصدق الإحتمالات لتلك الكلمات الغير مقروءةوذلك بحل لغز كلمة  
ה יה  "hayeh"، أو "الحياة".
 ولا يهم الجدل الدائر حول ما إذا كان المقصود بهذا النص محاولة التدليل أو البرهنة على أن " سمعان "  هو المسيا أم لا ، فهى مع ذلك تجعل من هذا الإفتراض فرض ضعيف الإحتمال .
بينما يقول "موشي بار آشر" ، رئيس الاكاديمية الاسرائيلية لللغة العبرانية وهو فى الوقت ذاته استاذ اللغة العبرية والآرامية في الجامعة العبرية ذاتها ، بأنه قد قضى وقتا طويلا في دراسة النص وتوصل للتأكد من أصليته ، وأصوله  التي يرجع تاريخها الى تاريخ لا يتجاوز القرن الأول السابق على الميلاد وسوف ينشر بحثآ له يتكون من 25 صفحة ورقة عن هذا اللوح الحجرى  في الأشهر المقبلة .
أما فيما يتعلق بإفتراض السيد "كنوهل " ، فإن السيد "بار آشر" يحترم وجهة النظر التى إقترحها ولكن بشىء من الحذر . ويقول "هناك مشكلة واحدة،" "فهناك فى بعض الأماكن الحيوية داخل النص هناك نقصان . وأنا أفهم ميل " كنوهل " إهتمامه بمحاولة معرفة وكشف تلك الأفكار السابقة على العهد المسيحى لمحاولة تفهمه ، ولكن هناك ما لا يقل عن  ثلاثة أسطر من النص تحتوى على كلمات أخرى مطموسة بالأضافة لكلمات أخرى تعتبر فى عداد المفقودين ".
 ويقول "موشيه أيدل" ، أستاذ الفكر اليهودي في الجامعة العبرية، إن كل جزء صغير دقيق فى هذه المخطوطة يحتاج لعشرات من المقالات والكتب لتفسيره والتعليق عليه ،بخصوص اللوح الحجرى الذى يُطلق عليه إسم   "رؤيا جبرائيل" وكذلك مع الأخذ فى الإعتبار تحليل السيد "كنوهل ". ويقول " إن لدينا هنا حجر حقيقي أصيل مع نص حقيقي أصلى وهذا هو أهم ما فى هذا الأمر .أما السيد " كنوهل " فيقول أنه ليس من المهم كثيرآ ما إذا كان كاتب هذا النص المكتوب على الحجر يقصد بأن يجعل من " سمعان " مسيا ، لكن المهم أنه أوضح وعبر عن وجود فكرة راسخة فى ذلك الوقت بأن المُخَلِصُ الذي يموت سوف يقوم بعد ثلاثة أيام وهذا هو الفكر الذى كان سائدآ فى زمن المسيح .
 ويلاحظ أنه في الانجيل، نجد يسوع يتوقع  الألم  والمعاناة ، وعلماء العهد الجديد يظن بعضهم أن تصور أتباع المسيح لهذه المعاناة تعود لزمن لاحق لزمن المسيح ه بسبب ظنهم عدم وجود مثل هذه الفكرة في عصره .
ولكن كان هناك لهذه الفكرة ولوح  "رؤيا جبرائيل"تبرهن على ذلك .
 ويقول " كنوهل " إنَّه كان عليه أن يضحى بحياته حتى الموت ليكون دمه علامة على الفداء وبذلك ينال اليهود الخلاص" " وهذا يدل على ابن يوسف (  تعليق للمعرب : التسمية التى أطلقها كنوهل اليهودى للمسيح ) . أنه رأى وأدرك ووعى تمامآ حتمية حدوث ذلك . مما يعطي العشاء الأخير معنى مختلف تماما . لفكرة الدم المبذول فهو ليس من أجل خطايا الناس ولكن لأجل تحقيق الخلاص لاسرائيل ".
د.ق.جوزيف المنشاوى

الأحد، 1 أبريل 2012

إجابه لسؤال عن وجود الشيطان

يُرجع علماء المصريات أصل كلمة "إبليس" فى اللغة العربية إلى الإله "بيسو" أو "بيس" الفرعونى وهو إفريقى المنشأ ذو وجه أقرب للأسد مع لحية كثيفة وشعر غزير وذيل طويل وإعتقدوا أنه يحمى من الثعابين والأشباح وإعتبروه إلهآ للطرب والفرح والمتعة وحاميآ للأطفال والنساء عند الولادة ومن هنا نشأ لدى العرب فكرة أن كل مولود يمسه الشيطان
 http://www.youtube.com/watch?v=FfoARlaCrCQ  إستمتع بالترنيمة بالضغط على الرابط
مقدمة وتحليل لغوى


أرسل لى الأخ روبرت ميلاد سؤالآ عن الشيطان هل هو له وجود ؟
والواقع فأن الشيطان ككائن تتحدث عنه الديانات الحديثة كان معروفآ من قبل فى الديانات الوثنية والفرعونية فهناك الثنائية فى الديانة الزرادشتيه عن الخير والشر ، النور والظلمة .. ألخ وإله الشر "ست" عند الفراعنة و"بيسو"الذى يجلب المتعة من خلال العمل الشرير ، ولكن الأساس الدينى الذى نستطيع أن نعتد به كأصل لفكرة وجود الشيطان هو ما ورد ذكره فى التوراة .
ولأن التوراة مكتوبة باللغة العبرانية فإن التحليل اللغوى لكلمة " شَطَن"שטן العبرانية يعنى يحقد أو يعادى - خصم أو عدو ، وعندما تطلق الكلمة على شخص كلقب له שטן فهذا يعكس كونه خصمآ أو نقيضآ أما إذا أطلقت على الكائن الشرير השטן فهى تعنى إبليس أو الشيطان.
إلا أن الكلمة كذلك إستُخدِمِت للتعبير عن أمور أخرى لا تتصل بالألقاب أو الأسماء أو الصفات بل كانت الأصل فى فعل يشتكى ومنها يُشتَق المعنى "شكوى"  שטנה كما فى سفر عزرا ٤ : ٦  حيث يقول " 
6وَفِي مُلْكِ أَحَشْوِيرُوشَ، فِي ابْتِدَاءِ مُلْكِهِ، كَتَبُوا شَكْوَى عَلَى سُكَّانِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ."
وجاءت كأسم لأحد الآبار كما فى تكوين٢٦ : ٢١  "
ثُمَّ حَفَرُوا بِئْرًا أُخْرَى وَتَخَاصَمُوا عَلَيْهَا أَيْضًا، فَدَعَا اسْمَهَا «سِطْنَةَ»."
وجود الشيطان ١- إثبات وجوده من خلال مسمياته المختلفة الواردة فى الكتب المقدسة  
وجود الشيطان ثابت فى النص الكتابى للتعبير عن شخصية حقيقية لها فعل ووجود قبل خليقة الأيام الست وفى هذا يشير كاتب رسالة يهوذا عن أصل الشيطان وجنوده بقوله فى عدد 6 من رسالته بالقول " 
6وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ."
ومن ثَمَ فهو يشير إلى أصل الشيطان وجنوده بوصفهم من الملائكة فيما مضى ولكنهم وقعوا تحت العقاب لسقوطهم فى خطية العصيان ، وهو التفكير الذى ساد فى العصر المسيحى ولا يزال .
والكتاب المقدس يطلق عليه العديد من الأسماء والصفات 
فالشيطان بمعنى خصم ورد ذكره فى سفر أيوب١ : ٦ ، أخبار الأيام الأول ٢١ : ١ ومتى٤ : ١٠ .
وبمعنى القاذف أو المجَرِب أو المشتكى فى متى ٤ : ١ 
وبمعنى الشرير فى متى ٦ : ١٣ 
وبوصفه أبوليون أى المهلك أو أبدون أى الهلاك فى رؤيا ٩ : ١١ 
وبإسم بعلزبول ( وهو فى الأصل إسم للإله الذى كان يعبده سكان عقرون الفلسطينيون ) فى ملوك الثانى ١ : ٢ ومتى ١٢ : ٢٤ 
وبإسم بليعال فى كورنثوس الثانية ٦ : ١٥ 
وملاك الهاوية فى رؤيا ١٢ : ٣١ 
ورئيس سلطان الهواء فى أفسس ٢ : ٢ 
وبلقب " أسد زائر " فى بطرس الأولى ٥ : ٨ 
وبتعبير " الذى يخطىء من البدء " فى يوحنا الأولى ٣ : ٨ 
وبلقب " المشتكى " فى رؤيا ١٢ : ١٠ 
وبوصف " قتال الناس وكذاب " فى يوحنا ٨ : ٤٤ 
والحية فى كورنثوس الثانية ١١ : ٣ 
وبأسم الحية القديمة فى رؤيا ١٢ : ٩ 
وبأسم التنين العظيم فى رؤيا ١٢ : ٣ ، ٩ 
ووصفه ب " إله هذا العالم " فى كورنثوس الثانية ٤ : ٤ 
وقال عنه ان له سلطان الموت ( بمعنى يستطيع إضلال الناس حتى يموتوا روحيآ ) فى عبرانيين ٢ : ١٤ 
ولكن أشهر هذه المسميات هى "الشيطان" و "إبليس"
٢- إثبات وجوده من خلال عمله
ووجود الشيطان ثابت ليس فقط من مجرد تعدد مسمياته وورودها فى مواضع مختلفة من الكتاب المقدس ولكن للأسباب التالية :- 
١- أن الكتاب ينسب له أنه جرب آدم الأول بتشجيع حواء على التعدى على وصية الله  
راجع تكوين ٣ : ١٣ ، ١٤ 
فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». 14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.

وأنه كذلك حاول خداع المسيح بوصفه آدم الثانى  راجع متى ٤ : ١ - ١١ 
 
1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ:«إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا». 4فَأَجَابَ وَقَالَ:«مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ». 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، 6وَقَالَ لَهُ:«إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ». 8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ.
وأنه حاول أن يغربل التلاميذ مثل الحنطة ( تعبير عن الإمتحان الشديد ) راجع لوقا ٢٢ : ٣١ 
وَقَالَ الرَّبُّ:«سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ! 

وأنه يجول كأسد زائر  ملتمسآ إبتلاع المؤمن راجع بطرس الأولى ٥ : ٨
 

8اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. 

وأنه يشتكى على المؤمنين ويضل العالم كله راجع رؤيا ١٢ : ٩ ، ١٠
 9فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.
 
وأنه منذ البدء كذاب وقتال للناس راجع يوحنا ٨ : ٤٤ 
44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق، مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. 

وأن له مملكة مؤلفة من جنود فاعلين عاقلين يقصدون مقاومة ملكوت الله راجع متى ١٢ : ٢٥  ،٢٦
 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟
 
وأنه سيدان فى اليوم الأخير وتتم معاقبته مع الأشرار الخطاة الهالكين راجع بطرس الثانية ٢ : ٤ 
 P PP P4Pلأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ،
 
P Pويهوذا ٦6وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ.
  ومتى ٢٥ : ٤١«ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، 
٢ - أنه شخصية تتمتع بالعقل وله شركاء مثله تحت إمرته وهوة السبب فى حدوث البصراع بين الخير والشر منذ البداية لتاريخ العالم وهو المرجع الأصلى لنشأة الديانات الوثنية وفى كتاب أيوب الذى يعود لزمن سابق على عصر موسى  يتحدث عن الشيطان كشخصية  تدعو إلى الشر وترغب فى صنعه خصوصآ للمؤمنين
لكن النصوص التى تتحدث فى أيوب عن تأثير الشيطان فى إيذاء الجسد ( أيوب ٢ : ٤ ، ٦ )
فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ. 5وَلكِنْ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». 6فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَا هُوَ فِي يَدِكَ، وَلكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ».
ومن ذلك نستخلص ما يلى 
١- أنهم لا يستطيعوا أن يعملوا إلا بإذن الله 
٢- أن أعمالهم تتم وفقآ لنواميس طبيعية 
٣- أنهم لا يتمكنوا من إبطال حرية الإنسان فهوة مسئول تمامآ عن إختيار طريقهم 
د٠ق. جوزيف المنشاوى 

الأحد، 25 مارس 2012

الكهنوت مع مقدمة بترنيمة من ترانيم فيروز - ارسل الله *** fayrouz - arsal alah with lyrics



  • الصورة لأحد كهنة اليهود وهو يقوم بإيقاد المنارة التى تتكون من سبعة مواقد والتى توجد على المائدة داخل القدس 
    مقدمة : معنى الكهنوت
    فى اللغات الأصلية والحديثة وتعريفه
    כהן كَهَن وتعنى باللغة العربية كَهَنَ وإستخدام الكلمة فى لغتها الأصلية العبرانية يعنى : يقف - يعد - يعمل الإعدادات - يُضَبِط - يرأس - عمل وممارسة التقدمة الدينية.

    إلا أن إستخدامات هذه الكلمة فى لغتها الأصلية لم تكن قاصرة على الكهنة فى الهيكل أو خيمة الإجتماع بل أستُخدِمَت لوصف وظيفة الريادة فى أعمال مدنية ومن بين المواضع التى أُستُخدِمَت فيها هذه الكلمة بهذا المعنى ما جاء فى سفر صموئيل التانى 8 : 18 " وبناياهو بن يهوياداع على الجلادين والسعاة وبنو داود كانوا كهنة" والمعنى المراد هنا هو إستوزارهم أو جعلهم بمثابة وزراء فى حكومته وهو عمل مدنى لكن العامل المشترك بينه وبين كهنة الخيمة أو الهيكل هو العمل الريادى .

      إيراتيو ( Ιερατευω )

     وهى تعنى بشكل مباشر وظيفة الكاهن الذى يقوم بممارسات وطقوس مقدسة بمعنى يكهن كما جاء فى لوقا 1 : 8 " يكهن فى نوبة فرقته أمام الله " ، ولم ترد هذه الكلمة أو أى مشتق لها لوصف أحد رجال الدين المسيحى فى العهد الجديد بل كان يقتصر ورودها على الكهنة الموسويين الذين كان لهم وجود فى أثناء حياة المسيح وتلاميذه ورسله من بعد .
    كَهُنَ - كَهَانَةُ أى صار كاهنآ ( تَكَهَنَ ) له : أخبره بالغيب ( تَكَهَنَ) بالأمر : أخبر به من جهة التوقع ، ( الكاهن ) من يتنبأ بالغيب ومن العرب من كان يسمى الطبيب والمنجم كاهنآ وعند اليهود والنصارى رجل الدين الذى إرتقى إلى درجة الكهنوت والجمع كُهَانُ وكَهَنَةُ وسجع الكهان : كلامهم المُزوَق المُتَكَلِف فى الجاهلية ، ( الكهانة ) : حرفة الكاهن ، ( الكهنوت) وظيفة الكاهن ، ( رجال الكهنوت ) : رجال الدين عند اليهود والنصارى ونحوهم .
    تعريف الكهنوت :يستخدم التعبير كهنوت فى الفكر المسيحى للدلالة على وظيفة دينية تقوم أساسها على تمييز طائفة من بين أفراد المجتمع ، تنتمى لفئة الرواد للجماعة ، بقصد التخصص المُطلق فى الإتصال بالله من خلال تقديم أدعية أو طقوس أو ذبائح أو قرابين ، بحيث لا يجوز لغيرهم القيام بهذه المهمة ، وبذلك يكونون هم الواسطة أو الوسيلة الوحيدة لباقى أفراد المجتمع للتواصل مع الله 
    الخلفية التاريخية لوظيفة الكهنوت 
    لم يكن الكهنوت أو الكهانة ، قاصر على أتباع الشريعة الموسوية ، بل كان لهذه الوظيفة جذور تاريخية يعود البعض منها للآباء الأولين ( عصر الأباء البطاركه  " من آدم حتى موسى " ) فقد ورد فى الكتاب المقدس الحديث عن قيام نوح ومن قبله هابيل بل وإبراهيم وإسحق ويعقوب .... ألخ بتقديم ذبائح وهى الوظيفة التى صارت فى العصر الموسوى قاصرة على الكهنة بما يعنى ممارسة هؤلاء للكهنوت بالرغم من إختلاف القواعد التى كانوا يستندون إليها فى هذه الممارسة عن تلك القواعد التى صارت معمول بها فى الناموس الموسوى .
    كما كان هناك بين الأمم الأولين ، الذين لا ينتمون لأمة اليهود من كان يمارس الكهانة ، وكان بعض هؤلاء تحظى ممارستهم لوظيفة الكهنوت بمصداقية معترف بها من الوحى مثل ممارسة ملكى صادق ملك شاليم للكهنوت( راجع تكوين 14 : 18 " وملكى صادق ملكُ شاليم أخرج خبزآ وخمرآ وكان كاهنآ لله العلى )  بينما كانت هناك فئة أخرى من الكهنة لدى شعوب أخرى كانت تؤدى هذه الوظيفة بما يخالف الدور المثالى الذى كان من المفروض أن تتبعه ، فقد كان هناك كهنة للأوثان مثل كهنة البعل وعشتاروث وكهنة الأوثان بشكل عام ، وكان دور هؤلاء يختلف عن دور كهنة العبادة لله ، فبينما كان كهنة الله هم المنوط إليهم الإفصاح عن شريعة الله للشعب ، كان كهنة الأوثان يدَّعون أنهم اللسان الناطق للوثن الذى لا يمكن للإنسان العادى من فهم ما يريد أن يبوح به ، فكانت وظيفتهم هى نوع من تجسيد الحياة للوثن الجامد ، وقد قام هؤلاء بأدوار تعتبر فى مفهوم العصر الحديث جرائم ضد الإنسانية حيث كانوا يصلون أحيانآ فى المبالغة بما يدَّعونه من طلبات للوثن قد تتمثل فى تقديم أُضحيات أو ذبائح بشرية لبشر قد لا يكون لهم ذنب سوى أنهم من بين المستضعفين من العبيد أو الأطفال بزعم إرضاء الآلهة  ، وكان البعض منهم مثل كهنة البعل وعشتاروث وأرطاميس ومنهم كهنة من الذكور ومن الإناث يقومون بفعل أعمال جنسية بديلآ أو نيابة عن الآلهة ( بحسب إدعاءاتهم ) لتعويض المتعبدين خلفهم عن حاجاتهم خصوصآ فى حالات تأخر الآنجاب للمرأة حيث تذهب المرأة لكهنة البعل ، أو فى حالات أخرى لمجرد ممارسة لون من ألوان الفحشاء والزنى ومجرد إشباع الغريزة تقوم به كاهنات أرطاميس وعشتاروث لإشباع غريزة الرجال ، وبالتالى الحصول على ولائهم للآلهة التى يدَّعون قوتها من وراء الوثن ، كما إستخدم النساء تمثال البعل بما فيه من بروز لعضو التناسل فى ممارسات شاذه فارتبط الكهنوت الوثنى بالجريمة والإنحلال والإحتيال والعِرافة ، ويصل الدارس لتاريخ هذه الممارسات الكهنوتية الوثنية لخلاصة مؤداها أن هذا الكهنوت كان عبارة عن الطريق الموازى الذى لا يتلاقى نهائيآ مع عبادة الله بل كان لون من ألوان عبادة الشيطان فى العصور القديمة .
    وفى منتصف الطريق بين الكهنوت الوثنى الذى كان منتشرآ فى المجتمعات التى  جاورت شعب الله كان الكهنوت الوثنى الفرعونى حيث المجتمع الذى عاش فيه بنو إسرائيل عِدة أجيال متعاقبة ، وكانت شخصية الكاهن فى مصر الفرعونية تجمع بين الشخصية الدينية والشخصية ذات السلطان الثقافى الفكرى القادر على التأثير على المجتمع كله ، حتى على الفرعون ذاته ، وكانوا يجمعون بين خدمة الطقوس والعديد من العلوم مثل الطب والفلك والحساب والهندسة والفلسفة والحكمة ، وكان الملوك يستخدمونهم لتعليم أبنائهم الذين منهم سيكون الفرعون الذى يرث عرش أبيه ويشير سفر الأعمال لهذا الدور الذى كان للمعلمين الذين قاموا بتربية موسى فى مصر فى أعمال الرسل 7 : 21 ، 22 " 

    21وَلَمَّا نُبِذََ ( أى فُطِمَ ) ، اتَّخَذَتْهُ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ وَرَبَّتْهُ لِنَفْسِهَا ابْنًا. 22فَتَهَذَّبَ مُوسَى بِكُلِّ حِكْمَةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَكَانَ مُقْتَدِرًا فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ."


    ومن الواضح أن وجود موسى فى بيت فرعون كان من تخطيط الله لكى يتعرف موسى على القراءة والكتابة والعلوم المختلفة وكل حكمة المصريين بحسب التعبير الكتابى .
    وكان لزامآ على من يتبوء مكانة الكهنوت بين شعب اليهود الذين خرجوا من أرض مصر أن يكون على درجة مقنعة لقومه من العلم والتعليم وشكل الممارسة الطقسية والسلطة كالكهنة المصريين حتى ينال المصداقية وسط شعبه الذى سمع أو رأى شكل وطبيعة الكهنوت المصرى الفرعونى .
     ولقد كان اللجوء لوظيفة الكهنة فى العصر الموسوى ضرورة هامة وهى إن الله رأى بعدما ترك الحرية لشعبه قبل العصر الموسوى لعبادته بحرية وتقديم الذبائح له بحرية أو ما نسميه عصر " الكهنوت القومى العام " الذى كان معروفآ فى عصر الأباء البطاركة " آدم حتى موسى " والتى يشير إليها الله على لسان موسى نفسه فى خروج 19 : 6 " إن سمعتم لصوتى وحفظتم عهدى ، تكونون لى خاصة من جميع الشعوب ....... وأنتم تكونون لى مملكة كهنة أمة مقدسة " .
    وكان عدول الله عن هذه الإباحة لسلطة الكهنوت لجميع الشعب ، لها سببها فقد صار إختلاطهم بالأمم الأخرى مصدر خطر حيث يمكن أن يستعيروا من هذه الأمم ممارسات وثنية تدنس عبادة الله ، فكان لجوء الله لتخصيص هذه الوظيفة لفئة يفترض منها حفاظها على شريعة الله بنقاء يضمنه الله من خلال الشريعة المكتوبة والمدونة لكافة التفاصيل التى يجب إتباعها بواسطة الكهنة فى مختلف المواقف حتى لا يحتاج الكاهن لإستعارة أى ممارسة غريبة من الأمم الأخرى تخالف مقاصد الله .
    الكهنوت الموسوى
    أو الكهنوت اللاوى الهارونى أو الكهنوت اليهودى
    إذآ كان الأصل فى الكهنوت هو الإباحة لكل المؤمنين ( راجع كذلك طقس ذبح خروف الفصح فى خروج 12 : 1- 14 حيث يقول فى عدد 6 ، 7 " . 6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. 7وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا". وقد ظل ذبح خروف الفصح هو مهمة رب البيت داخل كل بيت من بيوت العبرانيين حتى اليوم ) .

    كما يجدر بنا الإشارة لأمر موسى بشكل مباشر لفتيان بنى إسرائيل بالقيام بتلك المهمة قبل الوقت الذى فيه تحول التخصص لتقديم الذبائح للكهنة اللاويين دون غيرهم من أفراد الشعب ( أى ) فى مرحلة "الكهنوت القومى العام" السابقة على عصر الشريعة كما أسلفنا مثلآ فى خروج 24 : 4 - 7  "  4فَكَتَبَ مُوسَى جَمِيعَ أَقْوَالِ الرَّبِّ. وَبَكَّرَ فِي الصَّبَاحِ وَبَنَى مَذْبَحًا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَاثْنَيْ عَشَرَ عَمُودًا لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 5وَأَرْسَلَ فِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ، وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مِنَ الثِّيرَانِ. 6فَأَخَذَ مُوسَى نِصْفَ الدَّمِ وَوَضَعَهُ فِي الطُّسُوسِ. وَنِصْفَ الدَّمِ رَشَّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 7وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ، فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ».

    ولكن بعد إنتهاء تلك المرحلة الأولية بدأ الله يأمره بتشييد خيمة الإجتماع ، وهى مليئة فى مواصفات كافة الأدوات الموجودة بها ، وشكل بنائها ، بالرموز التى كانت تشير لأمور أخرى فى العهد الجديد وقد تحققت جميعها فى المسيح وكنيسته الذى تمم كل هذه الرموز بصلبه وقيامته وتأسيسه للكنيسة  .

    ولكن يستوقفنا من بين التعاليم التى أخبره بها الله بخصوص خيمة الإجتماعات تلك التعاليم ذات الهدف الطبى التى كانت تهدف للحفاظ على صحة أبناء الشعب ، ومن بينها مواصفات ألأمراض المُعدية التى كان يتوقع تعرض الشعب لها ، وكيفية تعامل الكاهن معها ، والحكم عليها أو تشخيصها ، وكيفية التصرف إزاءها ، وإبتكار إسلوب العزل الصحى خارج المحلة لهذه النوعية من الأمراض ، مما يدل على حرص الله الكامل على تعويض الشعب لشخصية الكاهن الذى يرتقى لطموحاتهم فى مؤهلاته التى تتشابه إلى حدِ ما مما كان سائدآ فى مصر الفرعونية التى إختبروا كهنتها .
    كما نلاحظ تخصيص  سبط من الأسباط دون غيره ليكون الكهنوت إمتياز خاص بفرع من فروع اللاويين أى أبناء " لاوى " بن يعقوب ، وكان هذا الفرع يتمثل فى أبناء هارون شقيق موسى  ، وكان الفرع الذى ينتمى له موسى وهرون هو القهاتيون أما الأفرع الأخرى وهى المراريون والجرشونيون إلى جانب القهاتيون الذين لا ينتمون لأسرة هرون ، فقد كانوا لخدمة خيمة الإجتماع .
      فقد تخصص الجرشونيون ليكونوا مجندون لحمل شقق المسكن وخيمة الإجتماع من مكان لمكان حيثما يرتحل الشعب وكانوا يعملون أعمال الصيانة للستائر ومكونات الخيمة .
     أما المراريون من بنى مرارى نسل لاوى  فكانت مهمتهم هندسية ، لتفكيك وتركيب الخيمة بمكوناتها حيثما يرتحل الشعب .
     أما القهاتيون فخدمتهم تخص العبادة والذبائح كمعاونين للكهنة من بنى هارون .
    ملابس الكهنة 

    أولآ :- ملابس رئيس الكهنة :- وقد كانت ملابس الكهنة تختلف عن ملابس رئيس الكهنة الذى كان فى ذلك الوقت هو "هارون" ، ولعل إختياره لشخصية     هارون بوصفه شقيقآ له ومرافقآ قريبآ منه ، حيث كانت عصاه هى التىكان قد  قام بإستخدامها أمام فرعون وكذلك لعبور بحر سوف
     أولآ : لأنه بهذه الممارسات التى شارك
     فيها شقيقه موسى قد تكونت لديه الكاريزما المناسبة المتميزة ، القادرة على القيادة حيث أنه كذلك كان لسان حال موسى أمام فرعون 

     وثانيآ : لأنه كان أقرب أبناء الشعب معرفة وإدراكآ لطبيعة الفكر الذى يُصَرِح به شقيقه ، وقد كانت ملابسه متميزة عن ملابس سائر الكهنة  .
    ملابس رئيس الكهنة :

     الأوريم والتميم ( خر 28 : 30 )  ومعنى الأوريم " الأنوار " والتميم " الكمالات "  وكانت عبارة عن الصدرة ذات الأثنى عشر حجرآ كريمآ بعدد الأسباط والتميم هو ما يكمل هذه الصدره ، وهذه الصدرة عبارة عن سلاسل مجدولة من ذهب نقى  بحلقات  تربطها بالرداء من خلال خيوط ذات لون بنفسجى

    جبة الرداء :( خر 28 : 31 ، 32 ، 29 ، 22 ، 23 )وهى من القماش البنفسجى ( الأسمانجونى )  فيه فتحة للراس فى وسطها وحاشية حواليها مطرزة يخرج منها أمام حتى الكوعين ، كمين غير مكتملين وأسفلها الرمانات أو الجلاجل المصنوعة من الذهب ، التى تعطى صوت كلما تحرك رئيس الكهنة ، تعلن إستمرار وجوده داخل قدس الأقداس الذى لا يدخل إليه إلا هو مرة واحدة فى السنة لعمل ذبيحة التطهير له وللكهنة 

    صفيحة الذهب : ( خر 28 : 36 - 38 ، 39 : 30 - 31 ) وتكون مصنوعة من الذهب الخالص وتوضع فى العمامة وعليها نقش خاتم :"  قدس للرب" ،  بينما تصنع العمامة من بوص ( الكتان النقى ) وتخيط فيها صفيحة الذهب بخيط بنفسجى 
    القميص المُخَرَم : ( خر 28 : 39 ، 39 : 27 ) القميص مصنوع من البوص ( الكتان النقى )  وبه خروم وهو منسوج 
    المنطقه : وهى بديل للحزام ( خر 28 : 39 ، 39 : 28 ) وهى من البوص المبروم( الكتان النقى ) المكون من ثلاثة ألوان البنفسجى ( الأسمانجونى ) والأرجوانى ( الأحمر الصريح ) والقرمزى ( الأحمر ذو الزرقة ) وهى مصنوعة بالتطريز  

    ومن الواضح أن الأوريم والتميم كان مستخدمآ لإضفاء البهاء على رئيس الكهنة حال كونه موكول له شئون قضائية كذلك إلى جانب مهمته الكهنوتيه وقد صار المسيح وهو نور للعالم ( يوحنا 1 : 4 ،5  4  فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، 5وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.) كما أنه أتم عمله بالتمام فوق الصليب عندما قال " قد أُكمِل" يوحنا 19 : 30 "
    كما عبر بتنازله وتجسده من السماء (اللون الأزرق ) ( يوحنا 3 : 13  13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.)
    أما صفيحة الذهب فكانت رمزآ لأرتفاع قيمة فكره حيث كانت على الجبهة هذا الفكر المقدس والبوص المبروم أى الكتان النقى الذى صنعت منه العمامة التى ترتبط بها صفيحة الذهب ،  دليل على البر والنقاوة لهذا الفكر .

    والرداء المخرم هو دليل على طبيعة الأنسان الفاسدة حيث تغطيه بعيوبه ( الخروم ) مجد النور ، نور العالم المتمثل فى مبادئه المعلنةَ للعالم والتى يعلنها كذلك أبنائه الذين هم أنوار كذلك فى العالم وتكون جبة الرداء التى من الأسمانجونى ( الأحمر + الأزرق أى الفداء والتجسد الذى من السماء للأرض ) هى الغطاء الذى يستر هذه الثقوب 

    وتكون المنطقة بألوانها الثلاث الأسمانجونى الذى يخلط الأزرق بالأحمر وبدرجة أخرى من الخلط فى القرمزى إلى جانب الأحمر الصريح الذى فى الأرجوانى هو الخيوط التى تتكون منها المنطقة التى تشير كيف أن هذه القيم العليا بدلت من حقارة إنسانيتنا لهذا المجد من خلال تجسد المسيح وفدائه .

    ثانيآ : ملابس الكهنة :-  وهى ملابس مصنوعة من البوص ( الكتان النقى ) بيضاء ناصعه كانت رمزآ لرداء المؤمن الروحى ( أش 61 :6 ، 10 6أَمَّا أَنْتُمْ فَتُدْعَوْنَ كَهَنَةَ الرَّبِّ، تُسَمَّوْنَ خُدَّامَ إِلهِنَا. تَأْكُلُونَ ثَرْوَةَ الأُمَمِ، وَعَلَى مَجْدِهِمْ تَتَأَمَّرُونَ.

    10فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ، مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ، وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا ) بعمامة تشير ذلتقلدهم للمجد وسراويل كتانية لسترهم حيث لا يظهر أى جزء من أجسادهم من القدمين ألى أعلى من ذلك  حيث سترنا دم المسيح وبره بسر الكفارة التى غطتنا تمامآ أمامه فلا يظهر فينا أى عيب ( أف 1 : 4  4كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ ) وهو يتفق مع قول رب المجد للمؤمنين " لتكن أحقاءكم ممنطقة وسرجكم موقدة وأنتم مثل أُناس ينتظرون سيدهم متى يرجع " لوقا 12 : 35 ، 36 .


     " ولبنى هرون تصنع لهم أقمصة وتصنع لهم مناطق وتصنع لهم قلانس للمجد والبهاء " خر 28 : 40 " وصنعوا الأقمصة من بوص صنعة النساج لهرون وبنيه والعمامة من بوص وعصائب القلانس من بوص " خر 39 : 27 ، 28 " وتصنع لهم سراويل من كتان لستر العورة . من الحقوين إلى الفخذين تكون ، فتكون على هارون وبنيه عند دخولهم إلى خيمة الإجتماع أو عند إقترابهم إلى المذبح للخدمة فى القدس لئلا يحملوا إثمآ ويموتوا خر 28 : 42 ، 43  
    الكهنوت رئاسته وممارسته لاهوتيآ

     فى ضوء العهد الجديد

    الأصل فى الكهنوت منذ خلق الله البشرهوإتاحته للأنسان فقد خلق الله آدم وأنشأ بينه وبين آدم هذه العلاقة الحميمة ، ولكن بسقوط الأنسان صارت العلاقة مع الله لا تتم إلا من خلال ذبيحة ، وقد إستمر الله فى إباحة هذا الحق فى التواصل معه حتى من خلال الذبيحة لكل البشر على السواء ، وكانت خطية قايين حيث خالف قواعد هذا الشرط فى إقامة هذه العلاقة مع الله بينما نجح هابيل فى ذلك ، فلم يمنع الله قايين من تقديم ذبيحة أُسوة بأخيه ولكن قايين ذاته هو الذى خالف القاعده
    إذآ كان الأصل هو إباحة هذا الحق أو الأمتياز المتمثل فى الكهنوت.
    وكان من بعد تلك الأحداث أن كان الآباء البطاركة ( وهو اسم فنى للفترة الواقعة من طرد آدم من الجنة حتى نزول الشريعة المكتوبة فى عصر موسى ) وكان الاباء أثناء تلك الفترة يمارسون هذا الحق أو الأمتياز بتقديم الذبائح والتقرب لله .
    نوح يقدم ذبيحة بنفسه ( راجع تكوين 8 : 20 ،21  20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ، 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ. ) .

    أبراهيم يقدم ذبيحه بنفسه ( راجع تكوين 22 : 9 - 14 َ9 فلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا» 12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». 13فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ. 14فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى».

    يعقوب يقدم ذبيحة بنفسه ( تكوين 35 : 2 ، 3  2فَقَالَ يَعْقُوبُ لِبَيْتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ كَانَ مَعَهُ: «اعْزِلُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ وَتَطَهَّرُوا وَأَبْدِلُوا ثِيَابَكُمْ. 3وَلْنَقُمْ وَنَصْعَدْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، فَأَصْنَعَ هُنَاكَ مَذْبَحًا ِللهِ الَّذِي اسْتَجَابَ لِي فِي يَوْمِ ضِيقَتِي،       وَكَانَ مَعِي فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتُ فِيهِ»



    وكان من بين الأهداف الأساسيه للخروج من أرض مصر هو إتاحة الفرصة للشعب حتى يتعبدوا لإلههم بحرية وهذا لا يكون إلا من خلال الذبائح  وهذا ظاهر فى حوار موسى مع فرعون  ( راجع خروج 10 : 24 -26  
    24فَدَعَا فِرْعَوْنُ مُوسَى وَقَالَ: «اذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ. غَيْرَ أَنَّ غَنَمَكُمْ وَبَقَرَكُمْ تَبْقَى. أَوْلاَدُكُمْ أَيْضًا تَذْهَبُ مَعَكُمْ». 25فَقَالَ مُوسَى: «أَنْتَ تُعْطِي أَيْضًا فِي أَيْدِينَا ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ لِنَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ إِلهِنَا، 26فَتَذْهَبُ مَوَاشِينَا أَيْضًا مَعَنَا. لاَ يَبْقَى ظِلْفٌ. لأَنَّنَا مِنْهَا نَأْخُذُ لِعِبَادَةِ الرَّبِّ إِلهِنَا. وَنَحْنُ لاَ نَعْرِفُ بِمَاذَا نَعْبُدُ الرَّبَّ حَتَّى نَأْتِيَ إِلَى هُنَاكَ».

    والحديث بصيغة الجمع هنا يفيد حق الجميع فى هذه العبادة التى تشتمل على تقديم الذبائح وقد ظل هذا الحق قائمآ حتى تم تخصيص هذا الحق لفئة معينة سميت بأسم الكهنة ( مما يفيد قصر الكهنوت عليهم ) والدليل على إستمرار هذا الحق العام  راجع خروج 12 : 1 - 14 بشأن ذبيحة الفصح وخصوصآ فى عدد 6 حيث يقول




    6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ.


    ويستمر هذا الحق العام قائمآ حتى تخصيص الشريعة للكهنوت فى سبط لاوى راجع خروج 24 :  5 


     5وَأَرْسَلَ فِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ، وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مِنَ الثِّيرَانِ.
    بداية تخصيص الكهنوت لسبط لاوى

    نشأ هذا الحق فى الكهنوت لسبط لاوى مع بداية أمر الله لموسى لأقامة خيمة الإجتماع فقد شاء الله أن يضع قواعد للعبادة وللعقيدة والفكر تميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم سواء بسبب الأفكار التى كانت كمكونات ثقافية  فى ذهن العبرانيين والتى آلت إليهم من طول إقامتهم فى أرض مصر ، أو تلك التى ستصادفهم عند وصولهم إلى مقر نهاية رحلتهم من ثقافات الأمم التى كانت تسكن فى هذه المنطقة وفى المناطق المجاورة .

    لذلك كان التخصيص والتمييز الذى قرره الله هو وضع تصميم لمكان العبادة ، ووضع تشريع إجتماعى قانونى بالأضافة للتشريع الدينى الذى يشمل خصوصية مكان العبادة والقائمين على الخدمة فيه والقواعد التى تحكم عبادتهم والتى لا يمكن تصور تبنيها بواسطة كل الشعب وهم أميون بتخصيص فئة تدرس وتتوارث الشريعة والقواعد وتقوم بتوجيه الشعب بسلطان خاص نحو العبادة الصحيحة التى تليق بالله .

    وبعد حديث اللله لموسى بشأن تصميم مكان العبادة ( خيمة الإجتماع ) فى أصحاح 25 ، 26 ، 27 من سفر الخروج يبدأ فى الأصحاح 28 بقوله فى خروج 28 : 1 - 3   1«وَقَرِّبْ إِلَيْكَ هَارُونَ أَخَاكَ وَبَنِيهِ مَعَهُ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِيَكْهَنَ لِي. هَارُونَ نَادَابَ وَأَبِيهُوَ أَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ بَنِي هَارُونَ. 2وَاصْنَعْ ثِيَابًا مُقَدَّسَةً لِهَارُونَ أَخِيكَ لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ. 3وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ، أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي."

    العلاقة بين تخصيص اللاويين
    وكهنوت المسيح

    حدد الناموس الموسوى عدة مواصفات يجب أن تتوفر فى الكاهن وقد تحققت فى العهد الجديد على هذا النحو :-

    1- أن يكون الكاهن مُقيمآ بين البشر الذين ينوب هو عنهم أمام الله ، قارن بين خروج 28 : 9، 12 ، 21 ، 29 مع عبرانيين 5 : 1.


      9وَتَأْخُذُ حَجَرَيْ جَزْعٍ وَتُنَقِّشُ عَلَيْهِمَا أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

    12وَتَضَعُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ حَجَرَيْ تَذْكَارٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. فَيَحْمِلُ هَارُونُ أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتَّذْكَارِ. 

    21وَتكونُ الْحِجَارَةُ عَلَى أَسْمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَسْمَائِهِمْ. كَنَقْشِ الْخَاتم   كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى اسْمِهِ تَكُونُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا.

     29فَيَحْمِلُ هَارُونُ أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي صُدْرَةِ الْقَضَاءِ عَلَى قَلْبِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ  إِلَى الْقُدْسِ لِلتَّذْكَارِ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِمًا.       

    1لأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ النَّاسِ يُقَامُ لأَجْلِ النَّاسِ فِي مَاِللهِ،، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ الْخَطَايَا، 2قَادِرًا أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالْجُهَّالِ وَالضَّالِّينَ، إِذْ هُوَ أَيْضًا مُحَاطٌ بِالضَّعْفِ.



    2- وجوب إختياره من الله وفرزه لتلك الغاية سفر العدد 16 : 5 مع عبرانيين 5 : 4  5ثُمَّ كَلَّمَ قُورَحَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ قَائِلاً: «غَدًا يُعْلِنُ الرَّبُّ مَنْ هُوَ لَهُ، وَمَنِ الْمُقَدَّسُ حَتَّى يُقَرِّبَهُ إِلَيْهِ. فَالَّذِي يَخْتَارُهُ يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ. 
    4يَأْخُذُ أَحَدٌ هذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضًا. 3- وجوب كونه قدوسآ طاهرآ مكرسآ لخدمة الرب لاويين 21 : 6 ، 8 مزمور 106 : 16 خروج 39 : 30 ، 31 عبرانيين 7 : 26.
    6مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لإِلهِهِمْ، وَلاَ يُدَنِّسُونَ اسْمَ إِلهِهِمْ، لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ طَعَامَ إِلهِهِمْ، فَيَكُونُونَ قُدْسًا. . 8فَتَحْسِبُهُ مُقَدَّسًا لأَنَّهُ يُقَرِّبُ خُبْزَ إِلهِكَ. مُقَدَّسًا يَكُونُ عِنْدَكَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ. 
    16وَحَسَدُوا مُوسَى فِي الْمَحَلَّةِ، وَهارُونَ قُدُّوسَ الرَّبِّ. 

    30وَصَنَعُوا صَفِيحَةَ الإِكْلِيلِ الْمُقَدَّسِ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ، وَكَتَبُوا عَلَيْهَا كِتَابَةَ نَقْشِ الْخَاتِمِ: «قُدْسٌ لِلرَّبِّ». 31وَجَعَلُوا عَلَيْهَا خَيْطَ أَسْمَانْجُونِيٍّ لِتُجْعَلَ عَلَى الْعِمَامَةِ مِنْ فَوْقُ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

    26لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ 

    4- أن يكون له حق الأقتراب إلى الله بتقديم الذبائح والشفاعة فى الشعب عدد 16 :5 مع عبرانيين 9 : 11 - 14 .
    . 5ثُمَّ كَلَّمَ قُورَحَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ قَائِلاً: «غَدًا يُعْلِنُ الرَّبُّ مَنْ هُوَ لَهُ، وَمَنِ الْمُقَدَّسُ حَتَّى يُقَرِّبَهُ إِلَيْهِ. فَالَّذِي يَخْتَارُهُ يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ. 




    11وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هذِهِ الْخَلِيقَةِ، 12وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا. 13لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، 14فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!


    لقد جاء الرب يسوع ليعيد الكهنوت إلى أصله قبل السقوط من جنة عدن بواسطة آدم لذلك كان هو آدم الثانى كما فى كورنثوس الأولى 15 : 21 ، 22


    21فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. 22لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ .
    فأعاد بكهنوته ذلك الحق فى الكهنوت للجميع بعدما صار رئيس كهنة ورأسآ للمؤمنين فى ذات الوقت فهو بشهادة الرسالة للعبرانيين كلها عن أحقيته فى هذه الرئاسة بدم نفسه لا بموجب ذبيحة تحتاج للتجديد بذبيحة أخرى كل موسم جديد ومع كل خطية تحتاج للتكفير عنها فكان دمه كافيآ للتطهير فى كل المناسبات ولكل الخطايا وبذلك أعاد حق كهنوت جميع المؤمنين كما كان فى عصر الآباء البطاركة ، بل وأسمى منه بالعودة بالأنسان ألى درجة الأنسان الأول قبل السقوط فى جنة عدن حيث يقول الكتاب فى رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 5 5كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.
    كذلك فى رؤيا 1 : 5، 6 

    5وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، 6وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.وعاد الكهنوت حقآ لكل المؤمنين بدم المسيح الذى سفك لأجلنا ولذلك علمنا أن نصلى بالقول " أبانا الذى فى السموات .....ألخ ، وأزيل الحاجز الذى كان يتمثل فى حجاب الهيكل والذى كان يمنع الناس من التمتع بالكهنوت والتواصل مع الله عندما إنشق وقت صلب المسيح ليعلن لنا هذا العهد الجديد وهو عهد العودة لرضى الله الذى كان يتمتع به الإنسان قبل السقوط ، بدون الحاجة لذبائح 

    د . ق . جوزيف المنشاوى